وبناء على الثنائية الدلالية العموم والخصوص، وغيرها من الوسائل الاستدلالية الأخرى، ينخل الكاتب المصطلحات الثمانية الآتية: أدب الشعوب الإسلامية – وأدب الدعوة الإسلامية –والاتجاه الإسلامي في الأدب، والأدب المسلم –والأدب الديني –وأدب العقيدة الإسلامية –والأدب الأخلاقي، ويقر عنوانا رئيسا للكتاب ” الشعر الإسلامي “.
وتنحو مقاربة المفهوم منحى آخر استحق مبحثا مستقلا هو ما يسمى بالأدب الموافق للأدب الإسلامي، وهو منحى شائك يرتبط القول فيه بأدب غير المسلمين، والمسلمين الذين غلب عليهم المجون والتهتك والاستخفاف بالمقدسات الدينية، وضمن هذا الإطار أشار الكاتب إلى وجهة نظر كل من محمد قطب وإبراهيم عوضين والشيخ حبنكة الميداني والتي تنبني على التوسع فتعتمد المضمون، وتهمل صاحبه، وتعتبر كل أدب وافق الشعور الإسلامي أدبا إسلاميا، يِؤكد ذلك ما أشار إليه الدكتور عماد خليل في كتابه “مدخل إلى نظرية الأدب الإسلامي “وما أقره في كتابه “محاولات جديدة في النقد الإسلامي، بعد مرور عشر سنوات إذ يقول: “فاخترت في فصله الأول المعنون ب”الشعر العربي والرؤية الإسلامية الجديدة “نماذج شعرية لشاعر أبعد ما يكون عن الإسلام سلوكا، إن لم نقل تصورا … بل إنه ليضرب به وبشعره المثل على مجافاة الإسلام، والإبحار ضد قيمه وتصوراته وأعرافه … ذلك هو: “أبو نواس “..السكير …العربيد الضائع بين زقوق الخمر، في أزقة بغداد “ص64
كما تم الوقوف عند من يضيق” دائرة المصطلح والاحتياط في نسبة كلمة إسلام إلى أدب من يكون كافرا أو زنديقا، أو مشركا أو ماجنا ساقطا”ص64 ومن أنصاره محمد حسن بريغش، والدكتور أبو صالح عبد القدوس صاحب المصطلح ” الأدب الموافق للأدب الإسلامي، وكذلك الدكتور بسام ساعي الذي يقترح مصطلح الأدب التراجعي على كل ما يوازي الأدب الجاهلي، والأدب الإسلامي على كل ما يوازي الأدب الإنساني .
وكذلك محمد إقبال عروي الذي ابتكر مصطلح الكادية على الأدب ذي المضمون الإسلامي إن كان صاحبه غير مسلم. وبهدف تقريب الآراء يعتمد الكاتب على الآية القرآنية “إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا ” ليستنبط منها شروط الأدب الإسلامي فيوجزها في الإيمان وعمل الصالحات وذكر الله ويستخلص منها المعايير الثلاثة: المعيار الديني، والمعيار السلوكي، ومعيار صحة الشعور وسلامة القصد، وبناء عليه وبعد استقصاء الحكم على إسلامية الأدب أو الأديب يتخذ الكاتب من مقاطع معلقة امرئ القيس مثالا للأدب غير الإسلامي يقول: “فهذه أبيات كلها دعوة إلى الرذيلة، وتزيين الفاحشة، وتصوير لأشكال العلاقات المشبوهة، بزينة مكشوفة، وعبارات مفضوحة، من غير عفة أو كناية، بل تراه يصف الفاحشة بكل جرأة وتقحم، ولعل سبب نظم القصيدة أكبر دليل على سوء القصد، وفساد الطوية “ص72. إلى جانب هذا المقطع يشير الكاتب إلى أبيات تدور في فلك الإباحة والحياد وهي قول امرئ القيس يصف الليل والفرس، وضمن مقارنة أقامها بين الجاهلي امرئ القيس الذي مات كافرا، وأبي نواس المسلم الذي عرف الإسلام ورضيه وأقر به، يخلص إلى نفس الخلاصات السابقة: أكثر شعر أبي نواس غير إسلامي المضمون ( الفجور والمجون ومجالس الخمر والغزل الفاحش مذكره ومؤنثه)، وزهدياته البالغة قرابة ثلاثين قصيدة ومقطوعة شعر إسلامي.
إن منطق الاشتغال المعتمد لدى الفريق الأول يجب أن يشمل كل الشعراء وفي مقدمتهم بدوي الجبل، ففي القصيدة التي اعتمد الكاتب مقطعا منها شعر إسلامي لا يوجد في غيرها.
في العنوان الفرعي يرد مفهوم الالتزام والفنية كمصطلحين، أسال حولهما النقاد الكثير من المداد والعديد من الآراء، ويشغل المصطلحان في كتاب الشعر الإسلامي الفصلين الرابع والخامس بمبحثين: