آخر الأخبار

قراءة في كتاب نظرات في أشعار محمد بن إبراهيم تكرور للدكتور الفقيد محمد رشيد السيدي – 5 –

عبد الرحمن الخرشي 

هنا سينتقل المؤلف إلى رسم ملامح الصورة الشعرية البلاغية البيانية في هذه القصيدة باعتبارها أداة أدت وظيفة التعبير والتزيين والتجميل؛ حيث تبرز قيمتها الفنية والإبداعية والوظيفية في مجموعة من الأبيات تنوعت صورها في القصيدة ما بين التشبيه، والاستعارة، والمجاز والكناية كما عند القدماء، بل إن الدكتور محمد رشيد ذهب إلى اعتبار الصورة الشعرية عند الشاعر محمد بن إبراهيم الذي انتشله وشعره من براثن النسيان والضياع بمثابة »نسيج تخيلي متميز « لما تضمنته الصورة عنده من إيحاء وتشخيص وتجسيم لمشاعره بخاصة، ومن صور تقابلية في وضعين متناقضين وسأعمل على أن أقف عند أحد تحليلات المؤلف لصورة شعرية من هذه القصيدة، مع التعليق عليها، وسأنتقي الصورة الواردة في المطلع:

فلله قـرص الشَّمْـسِ غَيَّبَـهُ الثَّـرَى وعَـقَبَ شمسـاً لا تُشَـبِّهْ بهَـا بَـدْرَا

فالمؤلف في هذا البيت يرى الشاعر« يفاجئُنا، في مطلع القصيدة بهذا التصوير المعبر عن حدث غريب، وذلك بتشبيه الفقيد بقرص الشمس التي غابت في الثرى، فهذه المماثلة بين الشمس والثرى، يفترض فيه الشاعر وقوع ما لا يمكن تحقيقه- وهو كذلك -، فهو يشعرنا بذوبان الشمس، واتحادها بالثرى، مما يدفع المتلقي منذ البداية إلى الغرابة، ويثير حفيظته، وذلك بزحزحة كيانه الشعوري. ولعله يقصد تحسيس المتلقي بالصدمة القوية التي تلقاها الشاعر لما علم بالخبر، كما أنه يريد أن يذكرنا بأن كل شيء إلى زوال، ولذا حاول استعظام الحالة، والنفخ في الواقعة، لكنه سرعان ما أشعل فتيلة الأمل؛ حيث يعقب ذلك بزوغ شمس تبدد ظلمة الحزن والكآبة، وتزرع روح الإحساس بالغد المشرق »(7)

إن تناول الدكتور محمد رشيد السيدي للصورة هنا وفي هذه القصيدة أبان لي عن مدى استيعابه لمكوناتها القديمة بفضل ما تجمع لديه من ثقافة بلاغية قديمة وحديثة مستفيداً في ذلك من الدراسات المؤسسة لجزئيات البحث وفق جهود نقاد عرب قدماء ومعاصرين أذكر منهم( عبد القاهر الجرجاني – السجلماسي – القاضي عياض – صلاح فضل- بشرى موسى صالح – نعيم اليافي ) مما جعل نظرته إلى الصورة الشعرية شمولية في كافة تجلياتها، وهي مما أكسبه قدرة على التفصيل بين أجزاء الصورة وربطها ربطاً دلالياً، وربطها بالحالة النفسية للشاعر الذي امتلك طاقة قوية وقدرة على الصياغة الفنية من خلال عامل التصوير الفني بشكل مغرق في الخيال؛ الشيء الذي كان له أبلغ التأثير على المتلقي.

وأنهى المؤلف هذا الكتاب بمجموعة من أشعار الشاعر في أغراض: الحكمة، والمدح بنوعيه: النبوي( المولديات )، والسلطاني، والرثاء، والوصف، وبثبت جيد لمصادره ومراجعه في الكتاب، ففهرس محتويات الكتاب.

خـتــامـه مــسك:

إن ما بذله الدكتور محمد رشيد السيدي من جهود- مشكورة – في هذا الكتاب وفي رديفه كتاب” الشعر المغربي الصحراوي فيما بين القرنين 19 و 20 القبيلة السباعية بحوز مراكش أنموذجاً ” لمما يعضد جهوداً قام بها مجموعة من الباحثين؛ وهي وإن كانت لا تكفي لنفض الغبار عما اعتلاه الغبار؛ فهي تمهد بالشروع في مقارعة عوامل الضياع والنسيان، وبحضور هذا الإشكال في اهتمامات جملة من الباحثين الواعدين بنبل العطاء للربط بين شعر شعراء الصحراء وشعر شعراء حاضرة المغرب.

——————–
(1) ومَـناورُ كذلك.
(2) د. محمد رشيد السيدي-” نظرات في أشعار محمد بن إبراهيم السباعي – تكرور – ط1. 2015. ص: 7.
(3) نفسه، ص: 7.
(4) نفسه، ص: 7.
(5) نفسه، ص: 7.
(6) استعمله القدماء والمحدثون في البيت الأول لكن لا أدري لماذا ربطه الشاعر بداخل القصيدة في هذا التحليل.
(7) د. محمد رشيد السيدي-” نظرات في أشعار محمد بن إبراهيم السباعي – تكرور – ط1. 2015. ص . ص: 58 – 59.
.