أخيرا استيقظت وزارة التربية والتعليم من سباتها العميق ،كأنها –الكوالا- الأسترالية ،وتحولت إلى –فيل يثير انتباهه جميع الأصوات بما فيها الدقيقة،وفي مقدمتها الصوت النشاز الذي اختار له من الصفات ما بإمكانه ممارسة الخلابة والخداع ،كما هو الشأن مع” الأستاذ المعجزة “في البيضاء ونواحيها ،”ونحن الأصل وما عدانا تقليد ” في مدينة مراكش ،إلى غير ذلك من الشعارات الجوفاء التي لا يخجل سماسرتها من ترديدها وترويجها وإعداد العدة لها . لكن لنتساءل عن أسباب الظاهرة وكيف انتشرت واستفحلت واستشرت كالسرطان في المجتمع وأجسام الأسر وعقليات التلاميذ والتلميذات .
العوامل عديدة ولا أدعي في هذه العجالة محاولة الإحاطة بها ،إلا أنني سأركز على عامل المراقبة والتتبع المنعدمين من طرف الوزارة الوصية والأكاديميات والمديريات الجهوية لكافة التراخيص الممنوحة التي لا تحترم بنود دفاتر التحملات ، ويقع فيها التحايل والالتفاف بوسائل غير مشروعة وغير قانونية ،ولا تتوفر فضاءاتها على أبسط شروط العمليات التربوية ،كيف يعقل أن يرخص لأماكن على شكل أقبية ، وكراجات للسيارات ،ومنازل معدة في الأصل للسكن لتصبح روضا للتعليم الأولي ،أو مدارس ابتدائية ،وتتحول بقدرة قادر إلى مراكز للدعم ،أو معاهد للغات ،ويساق لها التلاميذ قسرا بتجييش ملحوظ من طرف سماسرة لا علاقة لهم بالشأن التربوي إلا بشهادة مشكوك في كفاءة أصحابها خولت لهم على سبيل المثال تدريس ثلاث اختصاصات (اللغة العربية والاجتماعيات والفلسفة ) في الشعبة الأدبية بمسلكيها ،أو اختصاصين (الرياضيات والفيزياء والكيمياء ) في الشعب العلمية بمسلكيها كذلك .
كيف انطلى أمر هذه الجراثيم على الجهات الوصية لدرجة اغتنى معها هؤلاء غنى فاحشا ،وكيف يقبل الآباء وجمعياتهم الممثلة هذا النوع من الكذبة والدجالين ويستسيغون الزج بأبنائهم في أقبيتهم المظلمة
معرفيا وأخلاقيا ،وكيف يسمح أصحاب هذه التراخيص بدخول هذه الكائنات الغريبة إلى حرم مؤسساتهم ويلوثونها بوقاحتهم وجرأتهم وجهلهم المضاعف في مجال يهب فيه الأساتذة وحتى زمن قريب اللقاء والالتقاء بالنظر إلى القسم بنية للتوقعات منفتحة على أكثر من احتمال تتطلب التهيئ والاستعداد .
إنها المؤامرة المتعددة الأطراف ،والتي سمحت للبعض بتأجير مؤسسات بأكملها لهذه الكائنات الطفيلية ،التي أصبحت تعتبر التعليم بقرة حلوبا ،وتدرس في أكثر من معهد ،بل وصلت بها الجرأة والوقاحة إلى وضع صورها في أبواب المدارس والمكتبات والأماكن العامة وجنبات حافلات النقل المدرسي ،و أصبحنا في بلد تمارس في تعليمه حملات انتخابية تعليمية من بداية السنة إلى نهايتها ،تبدأ بالسب والشتم والتنقيص من كفاءة الأساتذة في التعليمين العمومي والخصوصي ،وتنتهي بحفلات الميوعة بمناسبة أو بدونها ،أما ما يتخللها فملف ندعه إلى حين ،وكلها أساليب دنيئة ومنحطة هدفها استقطاب التلاميذ واستنزاف جيوب آبائهم ،ولمواقع التوصل الاجتماعي أدوار سلبية جدا كوسائل للدعاية والإشهار والاستقطاب في هذا المجال .
إن يقظة السلطات المسؤولة وقرارها الصادر أمس الخميس 24 يناير 2019 بإغلاق مقرات الدجل للمسمى بالمعجزة مهدي المنياري ،التي لا علاقة لها بالدعم أوالتمكين من اللغات قرار يجب تثمينه وتفعيله ، والتتبع الذي يجب أن تقوم به في إطار عملية المراقبة يفترض تكثيفه وتعميمه ليشمل كافة أكاديميات المملكة ومدنها وفي مقدمتها جهة مراكش آسفي،ومن المفروض كما ورد في البلاغ أن تتخذ كافة الإجراءات الضرورية في حق المخالفين أيا كان موقعهم ومنصبهم ،إنقاذا للأمة ،ورحمة بالأجيال ،وتكريما للأساتذة ،وتجويدا للتعليم .
وبناء عليه نهيب بأكاديمية مراكش آسفي ومديريتها أن تضرب بيد من حديد على هذه الفئة من الجرثيم الملوثة ، وتستأصل جذورها وتتبع شبكاته المخربة كيلا لا يختلط الحابل بالنابل، ولنا موعد مع بدائل تربوية مقترحة تسهم في تجاوز الظاهرة إياها .
عبد الصادق شحيمة