إدريس المغلشي
الديمقراطية في المغرب لا تشبه الباقي فهي تتمتع بخصوصية قلما نجد لها مثيل .هي اخضاع المفهوم لعملية ترويض خارج معاييره بمعنى عدم احترام آلياته ومواصفاته(الكولسة المغرزة المتقونة) لكن ضحاياها فعلا من يعتقدون انها تطبق بحذافرها وكل تفاصيلها وهو امر نسبي لكن لانقبل ان تعطى لها أحكام مطلقة. صحيح قد يكون بعضها افضل طريقة وسط مجموعة نماذج سيئة وبالتالي يمكن القول ان الأسوأ ضمن الحالات السيئة ليس دائما أجودبل هو الاخر سيء لكن بدرجة اقل . لن يكون جيدا مهما غلفناه بكثير من الماكياج وفن الكلام المدجج بالأسانيد .
الديمقراطية كمفهوم واضح أصبح في الوقت الراهن ملتبسا أو اريدله ان يكون كذلك ففي الوضوح يصعب التلاعب لكون آليات التدبير تفضحه وفي غموضه يمكن بل يصبح مشروعا وهناك من يسعون لجعله كذلك. إنهم سراق للديمقراطية وحق تأويلهالأنهم يبيعون أولاالوهم للناس بشعارات كذابة لاتنسجم مع واقع التنزيل ،ثانيا يسعون للوصول إلى الكراسي بطرق غيرديمقراطية.من أجل تمرير العملية نحتاج إلى مهرة يتقنون فن المناورة ويبدعون في سيناريو الإخراج ويجعلون من حالة غش وتدليس صورة جديرة بالتقدير والاحترام رغم كونها لاتستحق. يحتكرون سلطةالقراءة والتأويل لكل النصوص المدبرة لها من أجل الوصول إلى الكرسي كل شيء قانوني ومبرر في اعتقادهم .
من يجعلون من الجو الإحتفالي في مقاربة كمية للإستدلال على وجود ديمقراطية هم يمارسون تغليطا للرأي العام ومن يرتكزون في وحدة صفهم على موجة تصفيق عابرة هم بالضرورة مارسوا مهرجانا كرنفاليا لتشويه الديمقراطية ومن يسعون للرد على الخارج في تصفية حساباتهم مع الداخل هم كذلك لصوص إرادة وقطاع طرق انتخاباويين لايمارسون السياسة ولايتحلون بأخلاقها بل يقتلونها في صمت وتواطؤ مكشوف وعلى رؤوس الأشهاد .لكن دعونا نتساءل ماحاجتنا للديمقراطية في الهيئات المدنية الاحزاب نموذجا ان لم تكن حريصة على عنصرين أساسين في اعتقادي الأول ان يصل من يستحق للمسؤولية الرجل المناسب في المكان المناسب بلاتجييش ولا محاصرة ولامصادرة الأمر الثاني تفرز كنتيجة حتمية من ينفذ تصورات الحزب المتقاطعة مع هموم الناس لاان يتنكر لها ويخدم اجندة مخزنية تلتف على مطالبهم وعوض ان يكون خادماللمواطن يصبح عونا للمخزن عليه من يعتقد ذلك فسياسته وديمقراطيته إلى مزبلة التاريخ.
في هذا السياق وانسجاما مع هذه الأرضية لابد من طرح سؤال مهم إذا لم تكن الديمقراطية عاملا أساسيا وآلية ضرورية لتجديد النخب ومحاربة تأبيد الزعامات وإعادة تدوير الفاعل السياسي بما يجدد النخب ففي ماذا ستنفع وماهي جدواها ؟ مايميز العمل السياسي في ظل وضع مقلق من حيث العزوف ونسبه المرتفعة في اوساط شبابية غير مقتنعة بمفعولها وغير منخرطة فيه وكيف أصبحت الاحزاب فعلا دكاكين سياسية تعج بتجار الأزمات اغلبهم متابع في قضايا الفساد والذمة المالية وبعضهم قابع في السجن متابع في ملفات اخلاقية والهيئات التي زكته لاتمتلك ذرة خجل لتعتذر للمواطن بعدما وفرت له ظلا سياسيا لكي يدخل غمار مجال تدبره الكفاءة والاخلاق اكثر من المال والجاه . الأفضع من كل ماسبق ان تصرف ميزانيات على مؤتمرات صورية المرشح الفائز فيها معلوم قبل إجراء الانتخابات ألا يعد هذا تبذيرا وتسفيها لإرادة الناخبين وشهادة زور لأنها تلتف على الحقيقة ؟
مؤتمر العدالة والتنمية حسم امرقيادته قبل عقد مجرياته فالازمي الذي اصبح كثير الظهور هذه الأيام وبعدما صرح امينه العام في احدى قفشاته بفاس وهو يستدل على قوة معارضة فريقه رغم قلة عددهم كونها لاتقارن لامع الباقي منها ولا مع الاغلبية وبرئاسة بوانو ليبتسم هذا الاخير ويعقب بن كيران على الفور “تسنى النوبة ديالك راه هاد المرة ديال الازمي” التلميذ النجيب الذي لن يضيف جديدا أمام إرث ثقيل لأستاذه والذي دشن عملية قتل رحيمة لكل ماهو اجتماعي وسهل مامورية من جاء بعده أخنوش ليتمم المهمة بنجاح فعن أي ديمقراطية وفن العمل السياسي تتحدثون ؟ انها الشعبوية والعشوائية في أبهى تجلياتها.