نظمت الأمانة الإقليمية لحزب الأصالة والمعاصرة بمدينة قلعة السراغنة، في إطار برنامج الأبواب المفتوحة، لقاءً علميا مفتوحاً حمل عنوان: “اضطراب طيف التوحد: التشخيص المبكر والانعكاسات الاجتماعية لأطفال التوحد على العلاقات الأسرية”.
هذا اللقاء، الذي تميّز بجو علمي وإنساني عميق، كان مناسبة لفتح النقاش حول واحدة من القضايا الصحية والاجتماعية التي لا تزال تواجه العديد من الأسر في صمت، مسلطاً الضوء على أهمية التشخيص المبكر ودعم العلاقات الأسرية لتحسين حياة الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد.
تنظيم متكامل برؤية توعوية
أقيم اللقاء تحت إشراف الحاجة ثورية الخليفي، نائبة الأمين العام للأمانة الإقليمية للحزب، التي أكدت في افتتاحها على أهمية الالتزام المجتمعي تجاه قضايا ذوي الاحتياجات الخاصة. كما أشارت إلى أن هذه المبادرة تأتي في سياق وطني يعزز الاهتمام بالحقوق الاجتماعية لهذه الفئات، ويجسد رغبة الحزب في المساهمة بتقديم حلول عملية وشراكات مجتمعية تخدم القضايا الحساسة.
مداخلات علمية متخصصة
الأخصائية النفسية د. بوشرة الهيراك، المعروفة بخبرتها الواسعة في مجال الصحة النفسية، قدمت مداخلة قيمة حول أهمية التشخيص المبكر لاضطراب التوحد، مشيرة إلى أن التأخر في اكتشاف الأعراض قد يؤدي إلى تفاقم التحديات التي تواجه الأطفال وأسرهم. وأكدت على أن البرامج التوعوية التي تستهدف الآباء والمعلمين تُعد حجر الزاوية لضمان التدخل المبكر وتحقيق نتائج إيجابية على المدى الطويل.
وأوضحت د. بوشرة أن التشخيص المبكر يساعد على تطوير خطط علاجية مخصصة، تسهم في تحسين قدرة الأطفال على التكيف مع بيئتهم.
في مداخلة تكميلية، تناول الأخصائي في تقويم النطق والكلام مروان واتري، أهمية تطوير مهارات التواصل لدى الأطفال المصابين بالتوحد. وسلط الضوء على الاستراتيجيات الحديثة التي تساهم في تحسين النطق وتعزيز قدرة الأطفال على التعبير عن مشاعرهم واحتياجاتهم. كما دعا إلى إدماج هذه البرامج في المناهج التعليمية لضمان استفادة أكبر عدد ممكن من الأطفال.
أما الأستاذة جليلة بنونة، مدربة مهارات التواصل، فقد قدمت مداخلة ركزت فيها على الجانب الأسري والاجتماعي للتوحد. أشارت إلى أهمية إعادة بناء العلاقات الأسرية على أساس التفاهم والصبر، داعية إلى تبني رؤية مجتمعية إيجابية تجاه الأطفال المصابين بالتوحد. كما استعرضت تقنيات عملية لدعم الأسر في مواجهة الضغوط النفسية والاجتماعية المرتبطة بتربية طفل من ذوي التوحد.
تفاعل إيجابي ورؤى مستقبلية
عرف اللقاء تفاعلاً كبيراً من الحاضرين، الذين طرحوا أسئلة عميقة حول الأعراض المبكرة للتوحد وسبل التعامل مع الأطفال المصابين به. كما تم تسليط الضوء على الحاجة إلى تأسيس مراكز دعم محلية تقدم خدمات متكاملة تشمل التشخيص، العلاج، والإرشاد الأسري.
من جانبهم، عبّر الحضور عن شكرهم للأمانة الإقليمية لحزب الأصالة والمعاصرة على تنظيم هذا اللقاء التوعوي، الذي رأوا فيه نموذجاً عملياً لتقريب المجتمع من القضايا التي تستحق الاهتمام.
رسائل اللقاء: نحو مجتمع أكثر دعماً
اتفق المشاركون في ختام اللقاء على ضرورة تكرار مثل هذه المبادرات التوعوية، مع توسيع دائرة المستفيدين لتشمل المناطق القروية والأسر ذات الموارد المحدودة. كما دعوا إلى تنظيم ورش عمل تطبيقية تُسهم في تدريب الأهل والمعلمين على استخدام أدوات فعالة لدعم الأطفال المصابين بالتوحد.