ذ. العبدوني خياري محمد
ما دامت الثقافة الشعبية لأي مجتمع هي تعبير عن واقع معاش وملخصا لما يختز له من تعاملات فاني كالعادة سأحاول”اسقاطها” في أمثلة شعبية راقتني.
ويروى في قصة هذا المثل «ان راعيا للمعز شاهد احداها تأكل قشر شجرة البلوط العائد لصاحب المعز، فنقل الراعي الخبر لصاحبها. فقال له هذا
القول فذهب مثلا ومعنى ذلك، ان قشر البلوط يستعمل لدباغة الجلود، وان المعز متى ذبحت، أخذ جلدها للدباغ لدبغه بهذه القشرة، ولذا ستجازى بنوع ما اقترفت من جرم.
مثل شعبي يطلق على بعض المتسلطين والفاسدين و المتعالمين والمتسنطحين الذين يعتقدون أن المناصب دائمة متناسين ان الكرسي لو دام لقبلهم لما وصل اليهم وماهو الاوسيلة لعمل الخير وخدمة المواطن وليس للتسلط وجني الأموال الحرام ،الشيء الذي يجعلنا نتابع يوميا ملفات فساد واحالة بعض المسؤولين على السجون ( دار الدباغ ) لكي يؤدوا ثمن رعونتهم، لذا وجب التفكير مليا أن دار الدباغ تنتظر قبل الشروع في أكل قشر البلوط.
يجب على المفسدين أن يفكروا في دار الدباغ عندما يكونوا في قرن الجبال وأن يترقبوا ساعة الحساب سواء في الدنيا أو عند الله عز وجل، فالفساد بمعناه الأوسع يعرف بانه إساءة استخدام الموقع أو الكرسي لأهداف غير مشروعة وعادة ما تكون لتحقيق مكاسب شخصية. ولان كل أنواع الأنظمة معرضة للفساد السياسي والإداري التي تتنوع أشكاله إلا أن أكثرها شيوعاً هي المحسوبية والرشوة المباحة والابتزاز وممارسة النفوذ والاحتيال ومحاباة الأقارب واندثار القيم المجتمعية.
وهكذايضيع الشرف وتفقد المبادئ وتموت الفضيلة خاصة لماتصبح الرشوة مباحة، والكذب طريقة للحياة والعمالة شطارة، والسرقة رجولة، في زمن يصبح الكذب فيه هو اللغة الرسمية، والخيانة واقعية، ونذالة بعض السياسيين تصرفات طبيعية، والدجل هي الطريقة المثلى لأصحاب العمائم واللحي.
فالفساد يمثل تحدياً خطيراً في وجه التنمية و يقوض الديمقراطية (كالفساد في المجالس والهيئات التشريعية) فيقلل من المساءلة ويشوه التمثيل النيابي في عملية صنع القرار السياسي، أما الفساد القضائي فإنه يعرض سيادة القانون للخطر والفساد، وفي الإدارة العامة ينجم عنه التوزيع غير العادل للخدمات.
قد يصعب إثبات الفساد في بعض الميادين ولكن يستحيل كذلك نفي وجوده، ولهذا نشهد في كثير من الأحيان بعض الاعتقالات لكنها تبقى قليلة مقارنة مع حجم الجرائم المرتكبة وتبقى فقط لدر الرماد في العيون، ومدينة مراكش بملفاتها ومفسديها تعطينا خير مثال على ذلك حيث تم دبغ مجموعة من الماعز في انتظار من يلحق بدار الدباغ، وبعضهم قد يختبئ تحث الاشجار متناسين أن كل شيئ الى زوال وأن من يحميهم اليوم قد لا يجد بنفسه من يحميه غدا لهذا أقول للمعز قبل أن تلعبوا في قرون الجبال وتاكلوا ما لاحق لكم به قوموا بجولة في دار الدباغ لتروا طريقة ومراحل الدباغة.
ملاحظة أنها أمثلة أحاول اسقاطها على ما نعيشه في مجتمعنا ولا علاقة لها باشخاص معيننين لأني ألاحظ ان البعض عندَ كلّ منشورٍ أو مقال يبحثُ عن الفاصلةِ من النقطة، وعن موضِع الشّدة والهمزة واللمزة .