آخر الأخبار

كنت في السرادق هناك

إدريس المغلشي 

ما أكثر المواسم في بلدي حتى ظننت أن وطني في عرس…! محطة توضح الكم الهائل من الفرح المختزن بدواخلنا والذي ينتظر الإفراج عنه. او هكذا يبدو لي كلما لاح في الأفق بعد إشعار باحتضان موسم في قرية نائية لايعرف موقعها بالتحديد الا بعدما يتم الاعلان عن تاريخ الحدث وكانه رمس او رسم حديث العهد .يتساءل البعض وهل فرحته إلا احدى تجليات رغد العيش الذي ينعم فيه الناس وبالاخص قراه المثناثرةهنا وهناك والتي يوحدها الهم ويفرقها شظف العيش ؟

لانروم الدخول في جدال عقيم حول مدى نجاعة استثمار امكانات منطقة من أجل تحقيق التنمية المنشودة.تلك الأماكن التي تفضح سراق الوطن ومدى الحيف والظلم الذي لحقها بعدما أصبحت الصورة جلية والفرق واسعا.كيف استغلوا إمكاناتها ليكرسوا وضعا مأزوما ويعمقوامن خلاله التفاوتات التي جعلتنافي أسفل الترتيب.مناطق لم يبق فيها سوى إسم مكان كتب بخط رديء في يافطة لعبت بها عوامل التعرية .لم يبق هناك سوى أطلال لنصب سرادق وولائم ونغمات صاخبة تسرق السمع من بعيد لتخذر جموع المعطلين بعدما طالهم النسيان وهجرتهم التنمية وطوقهم الجفاف .والكل يفرح بل هناك من يستدل على هذه الوضعية الإستثنائية بعبارة أبلغ من كلامنا الدارج الموغل في السخرية والرمزية

“آش خصك العريان غير الخاتم أمولاي ”

الكل مستعد على قدم وساق من أجل إظهار المنطقة في أجمل صورة .رغم شح الموارد تكاثفت الجهود للتأهيل ولو للحظة حتى تبدو القرية عروسا في زفافهايعرفون يقينا أنها عانس لكن متشبثون بإحتفال يليق بها مهما تقول المتقولون . حلت الالات لتسوي حلبة التبوريدة وقد غابت ذات يوم لتسوي ارضا جرذاء تمر منها طرق ملتوية تيسر نقل مرضى عبر سيارة إسعاف لتلحق ماتبقي من نبض لعلها تسعف في اقرب مستشفى قبل أن يلفظ آخر أنفاسه قبل الوصول .حين اصبحنا نقدر مسافات البعد بالزمن وعدد الساعات عوض وحدات القياس لنعبر عن درجة الإهمال التي طالت المكان ورماها في غياهب النسيان .سقاها خزان الجماعة ماء زلالا حتى لاتثير النقع على وجوه ضيوف الشرف وفي المقابل الساكنة عطشى بعدما شحت السماء وصاروا يقطعون مسافة مشيا على الأقدام ليلحقوا بالكاد شربة ماء. كل الخيرات استقدمت من المدينة الموائد مطروحة بلاعدد فاق الحضور والكرم الحاتمي أيامه معدودة لترهن مستقبل منطقة لسنة كاملة وكأنها محطة في مسارمن الإستلاب منذ أن صوتوا يوم الثامن شتنبر على عينة من المسؤولين لايجيدون سوى الفرحة المصطنعة تعبيرا عن لحظة مؤقتة عبر عنها أحد الظرفاء “ضحكة الراس المشوط ” إنهم وجهان لعملة واحدة . لاتختلف محطة مؤقتة عن الباقي سلسلة من النكسات المتتاليةتنتج بالضرورةواقعا مرا يستحيل البقاء تحت رحمته كل الشباب هاجروا أو هجروا ولم يعد يربطهم بالمنطقة سوى ذكريات ولقاءات معدودة على رؤوس الأصابع مايلبثوا ان يغادروها على عجل لان المكان لم يعد به ما يجعلك تمكث أياما أخرى.لقدأصبح شبيها بمعتقل كبير بلا سياج ولازنازن

من حقنا طرح السؤال من يستكثر علينا البهجةوالفرح بعدما انتقلنا من نكسة تغيير إلى حجر طويل دام لحولين كاملين ويزيد لتلتف بعده عصابة صادرت حقنا في العيش دون ان يرف لها جفن لكي تكون رحيمة بنا ونحن نتقلب بين مطب وآخر .

بالمقدمة جلس الحضور شهود زور ليوقعوا على وأد أحلامنا بمنطقة شاهدة على طفولة مغتصبة وفراق لعبت فيه أيدي كثيرة أغلبها تلك التي حضرت لتجدد طمسها مرة أخرى بوعي او بدون وعي مادامت النتيجة واحدة فالأمر سيان . كثير من السرادق تلخص الحكاية بعدما يجلس شيوخ القبيلة ليعيدوا حكاية القصة من جديد . في تكرار ممل وكأنهم يتوقعون أن هذا الجيل سينسى أحداثها بسرعة .

قد نعود لها بالتفصيل وبأصرار شيوخ القبيلة منهم من قضى نحبه ومنه من لازال ينتظر.