آخر الأخبار

كورونا و السياحة بمراكش

كان المغرب سباقا لإغلاق الحدود للحد من تفشي فيروس كورونا المستجد، حيث قرر الاهتمام بصحة المواطن، قبل الاقتصاد ، الأمر الذي جنب البلاد كوارث كبيرة كما هو الشأن بدول الجوار و في مقدمتها أسبانيا.

وهكذا تخلي المغرب عن اهم مورد الا َهو السياحة التي تضررت كثيرا، طبعا لا أحد كان يفكر في السياحة و الاستجمام منذ مطلع شهر مارس حين بدأ الوباء يدب في القارة العجوز و يحصد العديد من الأرواح.

وهكذا يمكن القول  أن الاثار السلبية لفيروس كورونا على السياحة المغربية كانت كثيرة و متعددة ، في مقدمتها اغلاق الفنادق وما يترتب عنها من تسريح بعض العمال، فضلا عن تدهور   الخدمات المرتبطة بالميدان السياحي، وفي مقدمتها أسواق الصناعة التقليدية التي عاش العديد من روادها  طيلة فترة الحجر الصحي وخصوصا شهر رمضان على ما يجود به بعض المحسنين، أصحاب العربات السياحية ” الكوتشي ” باتوا في وضعية لا يحسدون عليها، أو في ” حيص بيص” تائهين بين توفير القوت اليومي للأسرة و الأبناء او للدابة التي كانت تتضور جوعا بالاسطبل أو  ” لفندق ” وهي الوضعية التي عاشها السائق المهني لسيارات الأجرة بصنفيها ، خلال حالة الطوارئ الصحية، بين مطرقة صاحب المأذونية او ” الجورني ” وسندان مصاريف الأسرة.

ويبقى الساكت الأكبر هم أرباب البازارات و مستخدميهم ( vendeurs et démarcheurs ) وكذلك المرشدين السياحيين الذين لم يجد بعضهم ما يسد به الرمق، خاصة ان مداخيلهم من السياح يومية، الأمر الذي فطنت له الجمعية الخاصة بالقطاع وعملت قدر المستطاع على حفظ كرامة المرشد السياحي الذي كانت وظيفته تتطلب منه هنداما و أناقة معينة، سرعان ما حولته الجائحة إلى شبه متشرد.
في حين قاوم الصناع التقليديون بورشات خاصة داخل الفنادق بالمدينة العتيقة ويلات الجائحة في صمت ، نظرا  لعدم توفرهم على مدخول قار وتقاعد، ذلك أن ما كانوا يربحونه يوميا يصرفونه ولا يمكن الحديث عن أي شكل من الادخار، ليتحول بعضهم إلى طلب الصدقة خصوصا خلال شهر الغفران.

هذا دون الحديث عن تأثير إغلاق المؤسسات السياحية والفنادق والمطاعم، بباعة الخضر واللحوم والسمك والبقالة وعمال الصيانة، وكذلك كالات الأسفار و وكالات كراء السيارات التي تنهشها أقساط الابناك و كمبيالاتها، فضلا عن متطلبات المعيشة، في الوقت الذي علا الغبار الناقلات المكرونة في انتظار تسوية مستحقات أماكن الوقوف، اما وكالات الأسفار التي كانت تعتمد بشكل أساسي علي رحلات العمرة والحج فقد بات العديد منها على حافة الإفلاس.

في حين يجتر أصحاب المقاهي و الحانات و العلب الليلية، معاناتهم في صمت ، حيث يقترت الحديث عن مشاكلهم لدى البعض بالحلال و الحرام، اما الجوخ الذي طال المستخدمين بها فلا ينتبه له أحد.

استأنفت بعض المقاهي عملها بشكل محتشم واضحى صاحب المقهى مثل بائع الماء ” الگراب ” في انتظار زبون يأخذ فنجان قهوة و ينصرف من فضاءات كانت تعرف حركية، قبل أن نتحول إلى ما يشبه القبور ، في انتظار استئناف الفنادق و المطاعم، دور الضيافة و باقي فضاءات الترفيه و الحانات و العلب الليلية، الأمر الذي يتطلب مصاريف باهضة لان اغلب المؤن تم التخلي عنها لفائدة المؤسسات التي احتضنت المرضى و الاطقم الطبية فضلا عن تقادم بعضها، حيث ستكون جل هذه المؤسسات أمام ميزانية ضخمة، من أين سيتم توفيرها و الحركة توقفت حركة الرواج لحوالي أربعة أشهر.

وبات أصحاب الحمامات و قاعات التدليك مع الفئات الكبيرة التي تشتغل بها، في وضعية جد مزرية، خصوصا الحمام التقليدي الذي تحن اليه أجساد العديد من المراكشيين ، تحت شعار ” طلق السخون ”

يتم الحديث عن احتجاجات متسترة حول إغلاق المساجد من طرف بعض ” المؤمنين ” الذين لم بكترثوا بالوضعية المزرية التي خلفتها الجائحة لفئات واسعة من الشعب المغربي، و التي لا زال العديد منهم يعتبرها ” غضبا من الله ” وهم على يقين أن تواجدهم بالمسجد سيقضي عليها.