حسني أحمد علي المتعافي
تعلم معاوية كل أساليب الاحتفاظ بالسلطة ممن تحلق حوله من أركان الدولة البيزنطية العميقة في الشام، وهو الذي ترك الخليفة الثالث عثمان بن عفان يُقتل ليُتاجر بدمه فيما بعد، وليتمرد هو على من بايعه المسلمون بعده (الإمام علي ع)، وقد تخلص بشتى الأساليب من كل من شكل خطرًا على مشروعه الأخطر في التاريخ، وهو إعداد الدين الأعرابي الأموي كبديل عن الإسلام النبوي الأصيل، والذي يرتكز على الأسس الآتية:
1. تهميش القرآن والتعتيم على آياته التي تهدد مشروع معاوية بتأويل بعضها وادعاء نسخ البعض الآخر..
2. تقديم المرويات كمصدر أساسي للتشريع ولصياغة التمثلات والمواقف الدينية، ووضع كل ما يؤيد مشروعه فيها، حيث تولى ذلك عدد من الرواة الكذابين و الانتهازيين المستفيدين من هذا الوضع..
3. التعتيم على مرجعية أهل بيت الرسول ص ومكانتهم التي وصى عليها الله تعالى في كتابه العزيز وحض عليها الرسول ص حسب عدد من الروايات السنية المتواترة، وتعويضها باجتهادات فقهاء الموائد والبلاطات (نموذج الزهري)
4. التعريض بالرسول ص بتشويه سيرته من خلال مرويات غريبة تصدم أحيانا الذوق السليم (خصوصا مايتعلق بحياته الجنسية) لتبرير عدد من انحرافات طغاة بني أمية..
5. إهمال أوامر الدين الكبرى ومقاصده العظمى (شجب الظلم وإقامة العدل، النهي عن المنكر، تكريس العدالة ومحاربة الفساد..) وتضخيم شأن الأمور الفرعية (من خلال تدخل الفقهاء في تفاصيل حياة الناس الاجتماعية و الشخصية)
6. شغل الناس بالأساطير والخرافات المنقولة من تراث الإسرائيليات (أنظر كتب التفسير بالمأثور-نموذج ابن كثير)
7. تحويل مصطلح “الصحابة” إلى المصطلح الديني الأقدس، وإسدال هالة قدسيته على كل من ساهم في التمهيد للمشروع الأموي ونجاحه، وفيهم عدد من المنافقين والانقلابيين وبعض الشخصيات الهامشية التي هيمنت فيما بعد على مصادر التلقي عند غالبية المسلمين (نموذج أبو هريرة)
8. تهميش ذكر السابقين الأولين من الصحابة الذين انخرطوا في مواجهة كل مظاهر التحريف والانقلاب، ومحاولة تشويه سمعتهم (وفي مقدمتهم أنصار الإمام علي ع)
9. اعتبار المتسلطين على أمر الأمة مفوضين من عند الله وغير مسؤولين عن تجاوزاتهم (فبات من حقهم اختلاس الأموال وقتل مخالفيهم دون أن يحاسبوا)، واعتبار كل من لا يقبل بذلك معترضا على قضاء الله وقدره، بل في حكم الكافر (حيث دافع عن هذا الموقف تيارات كانت تدعمها الدولة كالمرجئة والقدرية الذين سينتفض ضدهم فيما بعد المعتزلة)
ملحوظة:
بعد أن أسقط العباسيون الأمويين، وجدوا أن دينهم هو الدين الأمثل للاحتفاظ بالسلطة فقاموا بتبنيه وأمروا بالتنظير له ليصبح الدين الأرثوذوكسي للأمة، كما واصلوا القضاء على كل من يعارضه من باقي فرق المسلمين .