إدريس الأندلسي
هكذا صنع الشرق فكرا و علما و فلسفة وحريات ولم يصنع الغرب إلا دمارا وحرب أديان دامت قرون رغم بعض الفلتات في ضياء أثينا من سقراط و ارسلو و أفلاطون و ما اسطلح على تسميته بعصر الأنوار رغم همجيتة صاحبته وما تم صنعه من رحم فكر الإستثمار والامبريالية. وكل هذا حصل بمباركة ايديولوجيات دينية كانت الكنيسة خلالها تصاحب جيوش الإستثمار بصحبة مؤرخين باحثين في الاركيولوجيا و الاثنوغرتفيا وحتى بعض العارفين بالإسلام.
لسنا بعيدين عن مربع الفتنة لأننا بلد في موقع يهم العالم و على الخصوص القوى الكبرى في هذا العالم. و لعل المتتبع لما كشفه تعامل محيطنا الأوروبي القريب مع قضيتنا الوطنية خلال الفترة الأخيرة قد يقرأ بوضوح سمو المصالح الاقتصادية على المبادىء العليا للتاريخ و للقانون. و هذا ما أدى إلى إتخاذ قرارات حكيمة و شجاعة ضد ألمانيا و إسبانيا. و بالطبع نتمنى في مستقبل قريب ان نكون ،بفضل موقعنا و مواردنا الحالية و المستقبلية، ذوي قرار حاسم.
الفترة الحالية يجب أن تكون مفاتيح التحكم في غرفة القيادة الحكومية. و بالطبع أن هذه القراءة تتطلب كثيرا من المعطيات التي لا يمكن أن تكون سهلة بالنسبة لكل من دخل إلى عالم السياسة عن “طيب خاطر ” وليس عن وعي عميق بالتاريخ و بصناعه الحقيقيين. اللحظة تتطلب الكثير من التواضع و من الوعي بركاءز التوازنات الإجتماعية. من لا يعرف أثر الأسعار على مؤشر التوازن العاءلي وعلى نوعية الخطاب الراءج في الأحياء الشعبية في المدن و القرى، قد يكون قد أتى من كوكب آخر.
ليس المهم هو صنع برامج لإرضاء فئات اجتماعية دون أي إعارة الإهتمام المطلوب لفهم كل أوجه الأزمة الإجتماعية، و لكن المهم هو الخروج من دائرة من الحدود التقنوقراطية لمواجهة و فهم آليات قيادة التغيير الحقيقي للمجتمع. الحكومة الحالية ليست سياسية و هذا ما يجعلها غير قادرة على تجاوز النظرة التي تجزا المشاكل دون التعامل معها ككل لا يتجزأ. و هذا التعامل يتطلب الجرأة لمواجهة الأسواق و المصالح و ما يتبعه من أسعار الدواء والطاقة والبناء والسكن حتى بعض المواد الغذائية ذات الرمزية في نوعية تقدير طبيعة عيش المواطن.
نعم هناك حرب يتخيل للكثيرين أنها قد تقود إلى حرب كبرى و لا أقول عالمية، و لكنها ذات ارتباط كبير بسوق السلع و الخدمات و على رأسها الطاقة. و لكل هذا تجد الغرب يهادن وينفرط عقده حين يتعلق الأمر بشن حرب مالية و بنكية على روسيا. صحيح أن سلاح أن نظام ” سويفت ” قوي و لكن قوته أصغر بكثير من قوة وقف حركة السلع الطاقية في شرق المتوسط و بين آسيا و باقي دول العالم. أوروبا لا قدرة لها على صيانة مستوى عيش مواطنيها دون الإعتماد على أمريكا. و هذه الأخيرة لا رغبة لها في الدفاع عن قارة “قديمة ” تشكل عبءا ماليا على دافع الضرائب في الولايات المتحدة الأمريكية.
أتمنى أن يكون من اختار العمل السياسي في بلادنا أن يكون على علم بكل هذه المعطيات. أقول هذا القول و جل من أعرفهم على علم بكل عوامل تلويث السياسة بنوع من المغاربة لا يحب القراءة والكتابة وبحب كبير للمال والعقار ولكل المصادر التي تسهل الاغتناء السريع. قبح ألله من فتح أبواب السياسة الحزبية على الأغبياء وأصحاب المال غير المتاكد من مصدره وكل ذوي النيات غير الديمقراطية.
ولكل من دخل إلى قيادة حزب لم يعرفه من قبل، أدعو له بالوعي بما قرره بعد أن قيل له أنه سيصبح وزيرا او وزيرة، أن يفتح عينيه على الوزر الذي يتحمله. قد يعتبر البعض أن الأحزاب مجرد بدعة، لكني أؤكد، وإلى تأكيد العكس أنها المؤسسات الوحيدة لصنع القرار الذي يؤكده الدستور.
أما من ارتمى في حضن حزب في الليلة التي أتت بعد تعيينه وزيرا، فأقول له أنت محرر من أي إلتزام غداة إعفاءك من مهامك. و في إنتظار ذلك، الشعب ينتظركم يا أعضاء حكومة اخنوش. الأسواق تغلي فماذا أنتم فاعلون…؟
روسي أو أوكراني ..بينهما تاريخ و لكني مهتم بتاريخ بلادي أولا و أخيرا.