غائب خيانة حكام الجزائر لفلسطين :
كلام مباح وفعل
لا للتطبيع و لا لكل أشكاله
إدريس الأندلسي
فتحت عيناي على تكالب دول الغرب على العرب في 1967 ، و عرفت، بعد قراءة لتاريخ الخيانات الإستعمارية و تواطؤ قبائل أصبحت دولا ، أن ترسانات غربية وضعت رهن إشارة عصابات الصهيونية للسيطرة على أرض فلسطين و على أجزاء من مصر و سوريا. و كتب صهاينة فرنسا و إنجلترا و أمريكا أن حرب 1967 تمت بسرعة بفضل تفوق إسرائيل. الحقيقة أن من خططوا لاستعمار فلسطين هم مجموعة دول استعمارية خضعت لأوامر بني صهيون لتحارب قوى التحرر في الشرق الأوسط و في كافة الدول الإسلامية . حرب 1967 كانت حربا للغرب ضد الفلسطينيين و مصر و سوريا . احب بلادي و لا أحتاج لكل يهودي صهيوني لكي يتضامن مع الوحدة الترابية لبلادي لأنه يحمل الشر المطلق ضد البشر. و أضع من يعادي وحدة وطني في موقع ذللك الصهيوني الذي ي يريد تخريب تاريخي. يهود أعرف تاريخهم في بلادي لم يتصهينوا أبدأ و ظلوا أوفياء لبلادهم و للقضية الفلسطينية. خبروا معاناة الاعتقال و ظلوا مرابطين من أجل الوطن و فلسطين. تحية لروح ابرهام السرفاتي و ادمون عمران المالح و لنضال سيون اسيدون و غيره من اليهود الذين يعادون الصهيونية.
لقد عرى الجبن الإسرائيلي على هبوط مستوى قيم الغرب. مؤسسات “الديمقراطية “الأوروبية تتفرج على استهداف الأطفال غزة بأسلحة تم صنعها في القارة الأوروبية و في أمريكا. وخطاب الألمانية اورسولا بإسم أوروبا يتقطر من رحم النازية. مذبحة إسرائيل يمولها ذلك الذي يستيقظ باكرا لكي يخلق ثروات دول تسمى متقدمة و يدفع ضرائبا من أجل تحسين البنى التحتية و المرافق العمومية، فيكتشف أن ماله يوجه لتمويل صناعة أسلحة لقتل الأطفال و الشيوخ و النساء في فلسطين. أمريكا و أوروبا تدفع أكثر من 100 مليار دولار لكي يتم محو غزة من الوجود. يبكون في برلمانات الغرب بقدسية مصطنعة و يسلحون أوكرانيا لأن روسيا هاجمت دولة، و لا يذرفون دولارا واحدا حين يتعلق الأمر بمجازر إسرائيل ضد الإنسانية. لقد قتل صهاينة اوروبيون الآلاف من الفلسطينيين و ضحك الأطفال أمام نفاق الغرب و بكى أكثر من نظام عربي على المآسي التي اقترفها الصهيوني. و تبا لمن يريد أن يقنعني على أن التطبيع مع إسرائيل واجب من أجل السلام. ألف نعلة على كل الكلام الذي يساند التقتيل.
نعم و ألف نعم لكل خطوة لبلادي من أجل الحفاظ على وحدتنا الوطنية. أردت و لا زلت مقاومة كل من يريد أن يقنعني أن بنو صهيون يريدون الخير لبلادي و أعتبر أن رسالتهم مسمومة . أفهم و أتفهم أن جاري الجزائري ،صاحب الملايير من المداخيل بالدولار يصرف على عدوي المباشر ، و يريد أن يقتطع جزءا كبيرا من وطني. أتذكر، و وثائق فرنسا تؤكد منذ 1830 أن جزءا من وطني اقتطعه المستعمر، و خصوصا الصحراء الشرقية، ليضمه لإمبراطورتيه الإمبريالية. و خاننا من كنا ندعمهم بالمال و السلاح و تنكروا للوعود و العهود. نعم أخطأ نظامنا غداة الاستقلال حين رفض التفاوض مع المستعمر الفرنسي من أجل ترسيم الحدود. صدقنا من اعتبرناهم مناضلون ، و هم في الحقيقة أبناء فرنسا الأوفياء. و هم في طغيانهم يعمهون و أغلبهم من أصول مغربية و لكنهم رضعوا الخيانة من ثدي القوى الإستعمارية.
نعم و ألف نعم لكي نقف صفا واحدا ضد كل أشكال التطبيع مع مجرمي الحرب و قاتلي الشيوخ و النساء و الأطفال من طرف الصهاينة. نعم للنضال و ألف لا لكل ما تقوم به الجزائر الرسمية لكي تحل محل فرنسا الإستعمارية في خططها الإمبريالية. تفاجأ الملك الراحل محمد الخامس من تصرف، من كان يعتبرهم أبناءه، حين تنكروا لكل ما تعهدت به الحكومة الجزائرية المؤقتة برئاسة فرحات عباس . صدقهم الملك المجاهد و اب الاستقلال و لكن أبناء فرنسا ، الذين يسيطرون على الجزائر إلى اليوم، و أولئك الذين اطعمهم المغرب ، كان لهم رأي آخر و طموح في النجاح في تنفيذ خطة للقضاء على الملكية المغربية. و كان لهم، مع الأسف، أصدقاء من بني جلدتنا صمتوا و تفادوا الكلام عن مصالح بلادهم العليا. كانوا على موعد مع الفشل لأنهم خونة في الأول و الآخر.
ويجب القول أن العداوة المفرطة في التطاول على مصالح المغرب ظلت هي السمة الغالبة على السياسة الخارجية للجزائر. و يجب القول كذلك أن الجزائر لا زالت تضع في أقصى درجات أولوياتها تجزئة بلادي المغرب. و يجب التأكيد كذلك على أن أكبر المعادين للصهيونية في بلادي هم أيضا أكثر المواطنين و المناضلين و المثقفين و الطلبة و الفلاحين و العمال التصاقا و تعبيرا عن الدفاع عن و حدة بلادهم الترابية. و يجب القول بكل صراحة أن الجزائر تصرف سنويا أكثر من 30 مليار دولار في مجال التسلح و الصرف على البوليساريو. يشترون أسلحة فاسدة لكنها تنفخ حسابات الكابرانات في سويسرا و في الملاذات الضريبية. و لنا في موقف بلاد كوبا من متأخرات تقدر بحوالي 500 مليون دولار على الجزائر خير دليل على النوايا السيئة لطغمة لا زالت تحكم بلدا جارا و تسمم العلاقات بين شعبين تجمعهما صلة الدم و النسب و الدين و الثقافة. جمهورية كوبا تريد التوصل بالأموال التي صرفت لسنوات لتدريب مرتزقة البوليساريو و تغذيتهم و ايواءهم. ويظل السؤال الكبير هو لماذا تنفق الجزائر أكثر من ثلثي مداخيل نفطها و غازها لكي تشتري السلاح بدلا من الغداء و الدواء. لماذا لم تحقق الجزائر اكتفاءا ذاتيا لتحمي الجزائريين من الفوضى و الطوابير من أجل الحصول على سميدة و سكر و زيت. حرام و ألف حرام أن يعيش شعب الجزائر هذه المحن و هم الاغنياء بخيراتهم نظريا. لو صرفت الملايير الموجهة للتسلح على تغذية الشعب الجزائري لانتهت الطوابير المليونية من أجل الدقيق و السكر و الدقيق و السميد. أما الأسماك و اللحوم و مشتقات الحليب و الفواكه التي تغرق أسواق المغرب فهي مجالات تدخل في دنيا الأحلام بالنسبة للمواطن الجزائري رغم مداخيل بلاده المقدرة بملايير الدولارات.
وجب القول أن كثيرا من العرب يريدون التطبيع مع إسرائيل. و الكثير منهم يعرف أن العلاقات ” السرية” مع الكيان الصهيوني قديمة و لم تنقطع. كابرانات فرنسا في بلد ” التصريح بالمليون شهيد” لهم علاقات بجنيرالات إسرائيل. و لكن الخطاب السياساوي الموجه للاستهلاك الداخلي يخفي الحقيقة. يعرف العالم ،بحقيقة العلاقات الدولية ، أن الكثير من الدول تعمل على ضمان مصالحها في إطار تقييم عقلاني لمحيطها و ما يشكله من مخاطر. صحيح أن بلادي أقدمت على وضع إطار لعلاقات مع إسرائيل و لكن مع التركيز على وضع كثير من الخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها. و لنا في مواقف المغرب منذ 7 أكتوبر 2023 خير دليل على مركزية القضية الفلسطينية في السياسة المغربية. و كل هذا لا يجب أن يخفي دور المتهافتين على التطبيع مع عصابة الصهاينة عبر الثقافة و المهرجانات الموسيقية ، و كذلك قلة وعيهم بتاريخ طويل مليء بالحقد و الكراهية لمن يدافع عن حق الفلسطينيين في الوجود و الحياة.
قد نبرم اتفاقيات في إطار ما ” سمي بالسلام الإبراهيمي ” الذي لم أفهم مغزاه و لا أهدافه و لا آثاره على إرجاع حقوق المواطن الفلسطيني، و لكن المواطن المغربي سيظل واعيا بأن الوجه الحقيقي للكذب الصهيوني هو الهجوم على كل الشعوب في الشرق الأوسط و غيرها كذلك. لذلك وجب على حكام الجزائر أن يفهموا أن معاداة المغرب و التنكر لحقوقه التاريخية هي خدمة مجانية يقدمونها للصهيونية من أجل دعمها لتقتيل الفلسطينيين. أقول للجزائر أن قياداتكم تنكر كل علاقاتها مع إسرائيل و لكنها تنسى أن كل عملية تترك الكثير من الآثار على المسير. لكل ما هو معلوم بالفعل و بالأرقام المدونة في سجلات الحسابات البنكية أن الجزائر هي من يقود التطبيع مع إسرائيل و هي من تحاول صنع صنم الكذب الأكبر لطمس العلاقات معها. و على المدعي إثبات العكس. و تتم الآن عمليات تصفية للحسابات داخل مربع السلطة في الجزائر محورها الرئيس هو العلاقات مع إسرائيل. كم هو سهل تضخيم الخطاب حول التضامن مع الفلسطينيين و كم هي صعبة إعطاء دليل واحد على دعم حقيقي لمن يتم قصفهم كل يوم في غزة و القطاع. هذا هو الواقع الذي يعري زيف الخطاب الرسمي الجزائري الذي لن يتنازل عن دعم الانفصال و سرقة الجزائريين و خيانة الفلسطينيين.