إدريس بوطور.
إنه قول من الأمثال الفرنسية السائرة . وبقراءة أولية يظهر هذا المثل بدلالة مادية صرفة ، كما ورد في نص كلماته ،(لا نقرض إلا الأغنياء ) ومفادها أن النقود تذهب حيث النقود ، ولا يمكن لمن يقرض أن يجازف بماله . لكن القراءة المتعمقة لهذا المثل تجعلنا نصل إلى أبعاد غير مادية ، ودلالات تلامس التوافق الاجتماعي للحياة الإنسانية . فقد نجد بصمة هذا المثل في مجال الصداقة ، وقيمة وضع الثقة ، حيث نستخلص من المثل ضرورة انتقاء العلاقات ، وعدم وضع الكل سواسية في المواقف والمقامات . فلا نمنح ثقتنا في مجال الصداقة إلا لمن يستحقها ، فكأننا نقرض المال لمن له القدرة على الوفاء بالتزاماته . إن مصاحبة الكريم وإكرامه تجعله ملكا لنا في السراء والضراء ، لكن مصاحبة اللئيم لا تعود على العلاقة إلا بالإفلاس والخسران المبين . كما نجد بصمة هذا المثل في الحوار الدائر في المجالس ، فكلما كان المرسل والمستقبل في نفس المستوى الفكري والثقافي ، كلما كان الحوار ذا مصداقية وفائدة ، وكانت قطوفه دانية ، لأن كل كلمة أو فكرة تخرج من جانب أحد المتحاورين تجد صداها عند الآخر وتستقر في مكانها الملائم ** مجمل القول : إذا أردنا أن نربط علاقة إنسانية في أي مجال فلنبحث عن الكريم من الناس وعن غني النفس من الأنام ، وإذا أردنا أن نحاور ، فلنحاور من تجد الكلمة لديه غطاءها ومستقرها ومشتلها .