جملة قديمة طالما سمعتها وسمعها غيري من الاشخاص ذوي الاعاقة والتي بدورها تكثف تمثلا اجتماعيا كان ( ولازال في بعض الاوساط والعقول ) منتشرا ويردده الصغير مثل الكبير دون أي اعمال للتفكير النقدي أو حتى للعقل كعادتنا حين نتعامل مع مثل التعابير الجارية والراقدة في عمق ثقافتنا وسلوكنا ..
ما هي مناسبة هذا الحديث ؟
المناسبة اصدقائي وصديقاتي هي السلسلة الثقيلة الظل التي تبثها القناة الثانية مباشرة بعد ما يسمى كاميرا خفية والمسماة الكوبيراتيف ( وكأن الإسم باللغة العربية له معنى قدحي !!!) . من بين الشخصيات المسماة فكاهية او مرحة في هذه السلسلة التي تتملق بأسلوب فج حقوق النساء ( وهذا موضوع آخر اصبح يتكرر في إطار التمييع والابتذال !! ) ..هناك شخصية بدون عمل نهائيا .. صاحبها عاطل ويسكن عند أخته اي أنه عالة اقتصادية واجتماعية والادهى أنه شخصية تجمع كل صفات المكر والتجسس والدس والنميمة والانتهازية الرخيصة بحيث لايملك صاحبها ولو درهما واحداً لأداء ثمن فنجان قهوة أو شاي يظل يشربهما عند صديقه أو جاره الطيب المدير لمقهى القرية .
يجسد هذه الشخصية ( السلبية على كل المستويات الإنسانية بما فيها الأخلاقي ) شخص حامل لإعاقة حركية فعلاً إسمه على ما اذكر ضهرا . وما كنت أتصور أن شخصاً في وضعية إعاقة حقيقية سيقوم بتجسيد مثل هذه الشخصية التي تشوه صورة الشخص في وضعية إعاقة عبر سلسلة تريد نفسها فكاهية ويتم بثها في ساعة الذروة !!
قد يقول قائل ( وهم كثر هذه الأيام ) الله يكون في العون فالرجل تقدم في السن وفرص ظهوره كشخصية فكاهية تضاءلت وبالتالي فمن حقه أن يعيش !!! ربما كان جزء من هذا المنطق صحيحا لأن كل متابع ومهتم باوضاع الفنانين في المغرب يعرف حالتهم المادية وكيف ينتظر جلهم فرصة هذا الشهر لاقتناص دور يدر عليه دخلا يقيه مد اليد . لكن الوجه الاخر الذي يساءلنا وبقوة وحرقة هو هل من الضرورة أن يكون كسب الرزق والحصول على عمل عابر مبررا لتشويه صورة الشخص المعاق ؟ هل من الضروري أن يظهر هذا الشخص في وضعية العالة التي تهان كرامته كلما قال ما لا يعجب صهره ؟ هل من الضروري أن يكون هذا الشخص خبيثا ولئيما وشريرا وصانع دسائس ومتجسسا يقايض الآخرين باخبار من يتجسس عليهم كيفما كانت علاقته بهم ؟ لماذا جسد بكثافة أكثر من الشخصيات الأخرى كل ما هو سلبي ومنحط ؟ هل هو أمر متعمد ومقصود ام أنه اللاوعي الجمعي الحامل للتمثلات السلبية تجاه الإعاقة في المجتمع و الأشخاص الحاملين لها ؟
إذا كان الأمر مقصودا ومتعمدا من طرف صاحب الفكرة ومنتجها فهذا يستدعي تدخلا عاجلا من طرف الهيأة العليا للاعلام السمعي البصري للقيام بما يجب حيال هذه السلسلة ومن ألفها ومن مولها ومن قام ببثها في ساعة الذروة .. أما إذا كان الأمر تعبيرا عن ترسبات متخلفة يتشبع بها صاحب السلسلة ومسؤولي القناة فهذا يعني أنهم أولا متخلفون جداً ولا زالوا يعيشون في زمن آخر حيث كان المعاقون يستعملون لاضحاك الملوك وأصحاب الجاه وحتى الجماهير الواسعة في السيرك . ثانياً هذا يعني أنهم يتعدون على كرامة المواطنين والمواطنات في وضعية إعاقة ويمارسون في حقهم جريمة يومية لا تطاق .
في كل الأحوال على من بث هذه البشاعة منذ بداية رمضان أن يكون ذا حس ووعي ( ولو متأخرين زمنيا ) ويقدم اعتذارا واضحا عن هذا المس الصريح بكرامة وصورة الاشخاص ذوي الاعاقة في المجتمع المغربي .. وأتمنى أن يجد هذا النداء تجاوبا من الجهات المقصودة بما فيها الشخص الذي جسد الدور …
عدنان الجزولي / الرباط