أفادت وكالة المخابرات الأمريكية المركزية وغيرها من الوكالات الاستخبارية أن البيت الأبيض سعى بشكل فعال لتبرير غزو العراق التي لم تهاجم – أو حتى هددت بالهجوم – على الولايات المتحدة.
وحدد كتاب روبرت درابر الجديد ” بدء الحرب : كيف ورطت إدارة بوش أمريكا في العراق ؟” الأخطاء السيئة والمفاهيم الخاطئة حول أسلحة الدمار الشامل المفترضة في العراق والدعم المزعوم لتنظيم “القاعدة”.
الكتاب الذي أثار اهتمام صحيفة “ لوس أنجلوس تايمز” التي قدمت عرضاً وافيا ً لقصة الغزو الأمريكي للعراق.
ويستند الكتاب، على وثائق سرية تم الإفراج عنها مؤخراً، وهي وثائق تتناول العديد من مسؤولي وكالة المخابرات المركزية الذين لم تتح لهم الفرصة سابقاً لإبراز “القصة الدنيئة” للفترة التي سبقت الغزو في مارس 2003، والذي استمر لحرب لمدة ثماني سنوات وحياة الآلاف من العراقيين والأمريكيين.
لماذا الآن؟ في الواقع، لا توجد عناوين جديدة يمكن استخلاصها من النزاعات الشخصية والسامة في عهد بوش بعد عقدين من الزمن، ولكن روبرت درابر كتب رواية مقنعة عن مدى الكارثة التي يكون عليها النهج الأيدلوجي ولماذا تعرض الشعب الأمريكي لخدعة؟
وعلى النقيض من الرئيس دونالد ترامب، الذي ينطق بالباطل كل يوم، كان بوش مؤمناً بالكذبة، وهو ما منحه مناعة ضد الأدلة المتضاربة أو الشكوك حول التهديد العراقي المفترض، وكما تضيف قراءة “لوس أنجليس تايمز”، فقد منحت هذه الحماقة سبباً للأمريكيين للتشكيك في تقديرات المخابرات الأمريكية، والأسوأ من ذلك، فقد منحت ترامب القدرة على تشكيل حالة من الإحباط الدائم المنتظم للتشويش على الخبراء حتى في إدارته.
يقول الكاتب إن الطريق للحرب بدأ بعد أيام قليلة من الهجمات، عندما زار ديك تشيني، نائب الرئيس، مقر وكالة المخابرات الأمريكية في ولاية فيرجينيا، حيث تحدث قادة الوكالة عن بحث محموم لزعيم القاعدة اسامة بن لادن، ولكن تشيني أصر من جهته على ضرورة التركيز على الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
وقد كان هناك قناعة لدى وكالة المخابرات المركزية بعدم وجود دليل على أي تورط عراقي في الهجمات، إلى حد أن أحد قادة الوكالة قال فيما بعد “لقد كان الأمر وكأنك تسأل عن مدى تورط بلجيكا في الهجمات”.
وعلى مدار العام التالي، دفع تشيني وغيره من الإيدلوجيين نظريتهم الزائفة إلى الأمام، مع مزاعم كاذبة كئيبة بشكل متزايد بأن صدام أنتج وخزن ترسانة من الأسلحة النووية والبيولوجية والكيمائية سراً.
وكشف الكتاب أن وزارة الدفاع الأمريكية أنشأت دائرة استخبارية خاصة في ذلك الوقت لتقديم تقارير غير مثبتة إلى تشيني وبوش، عبر مجموعة من المخبرين الذين يتمتعون بمصداقية قليلة، بقيادة جورج تينيت، وسرعان ما سقطت وكالة المخابرات المركزية في الخطأ البشع وبدأت في تعزيز التقييمات الحذرة للتهديد العراقي المزعوم من أجل مساعدة البيت الأبيض على إقناع الجمهور بالخطر العاجل.
ولم يكن بوش بحاجة إلى الكثير من الاقناع، حيث أمر بالتخطيط لحرب العراق بعد شهرين فقط من هجمات 11 سبتمبر، وحسب ما قاله الكاتب، فقد كان الخوف وراء اندفاع بوش للحرب وليس الذكاء و”بالخيال وليس الحقائق”، إلى حد اعترافه بأنه لا يمكن الانتظار حتى نصل إلى الدليل النهائي.
ولم يكن للعراق أي برنامج نووي ولا غازات سامة ولا قذائف مليئة بالفيروسات القاتلة، فقد بحثت بعثة الأمم المتحدة هناك لعدة أشهر ولكنها لم تعثر على أسلحة غير مشروعة.
وكشف الكتاب، ايضاً، عن قصة اخترعتها المخابرات المصرية لناشط تحدث تحت التعذيب بأنه “سمع من زميل له لم يذكر اسمه” أن هنالك ارتباط بين العراق وتنظيم القاعدة، كما تبنى البيت الأبيض تقريراً كاذباً من المخابرات التشيكية تحدث أن محمد عطا، أحد الخاطفين في 11 سبتمبر، التقى دبلوماسي عراقي في براغ في أبريل 2001، ليتضح من سجلات مكتب التحقيقات الفيدرالي أن عطا كان خارج الولايات المتحدة خلال الاجتماع المزعوم، وان الدبلوماسي العراقي لم يكن في براغ.
وزعمت إدارة بوش أن عراق صدام حسين كانت تحاول شراء اليورانيوم من دولة النيجر الأفريقية، ولكن كان من السهل دحض هذا الخبر الملفق، ولم يتوقف البيت الأبيض عند ذلك، حيث حاول ترويج تصريحات كاذبة لمهندس عراقي بشأن أن صدام يحاول انتاج الجمرة الخبيثة، لتسارع المخابرات الألمانية إلى التحذير من أن التصريحات غير موثوقة بها على الأطلاق.