آخر الأخبار

لصوص النصوص او سراق الميثاق – 2 –

ان اللصوص المستهدفون في مقالنا هذا ليسوا المتربصين بغنيمة يحرسها مغفل . ولا بقطاع طرق يسلبون المارة ممتلكاتهم تحت سطوة السلاح والقوة وفراغ في الامن وليسوا متهورين جنحوا للمغامرة وطيش عابر غير محسوب تحت مسمى ” رياضة الاصابع ” كما يحلو للبعض في لحظة تفكه مؤلمة ان يسميها . انها امثلة لعينة من الدرجة الثالثة تلك التي نحكي عنها تقتات من الفتات تحت قوة الغصب والنهب وفي النهاية مالها الموت على قارعة الطريق. او قضاء ماتبقى من عمرها وراء قضبان زنازن صدئة اصبحت موشومة بعلامات ورموز العودة والريادة التي توحي ان ادوات الردع اصبحت اليات تعزيز لمشهد مخيف استاسد على الاصلاح مادام العطب المنهجي سيد الموقف. انها صورة من القتامة التي تنضاف لجرح غائر في تغر الوطن. يرمينا بها موج الى موج ذون منقذ او اغاثة. تقذفنا الى شط الضياع كما ترمى جثث شباب غرهم ذات يوم مرتزق فباع حياتهم للوهم والخيانة وعجز غير قادر على احتواء الموقف والازمة.
ماعلينا…!
كما كانت تنطقها موشومة الخذ حين تتنهد بعد سرد جميل يحكي معاناة المشردين في الوطن وفي عالم لايرحم يحمل من الهم ما تعجز عن حمله الجبال وهي تطرق بيدها مائدة عشاء بئيس في ليلة باردة ترتعش من المها ووقعها الاجساد و تسطك من وقعها الاسنان والارجل على حد سواء.
الفئة التي نحن بصددها في هذا المقال تلك التي تمتلك قفازات حريرية لاتثير ضجيجا في الساحة سلاحهاالوحيد قلم وفكر واشتغالات على فراغات تركها القانون. لها قدرة على التنبا حول مالات حالات ما فتستبقها بزمن يسمح لها باستغلال الوضع. كثير من عملياتها تستثمر فوق سياقها الزمني لتخطف اقوات المستضعفين و الثكالى والارامل لتحولها الى ارصدة مشفرة لاتخضع لرقابة وتلقي الباقي من الفتات الى عامة المستهلكين المحتجين الذين يكثرون من اللغط دون فائدة سرعان مايخبو احتجاجهم بعد اتفاق موقع بين من يجيدون السمسرة واصحاب رؤوس الاموال. كثير من الاعطاب التي تصيب اداراتنا مردها بالاساس لعاملين اساسين :
ان الجهة المصدرة للنص تحتكر مضمونه كما تصادر حق تاويله. كل التعاقدات فوقية هي مجموعة املاءات قلما نقف عند بنودها. فجرت العادة اننا نسارع الخطى تحت ضغط الحاجة الى ابرام اتفاق غير متكافئ دائما تعود فيه الغلبة في النهاية للجهة الصادر عنها القرار.
لانمتلك ثقافة قانونية من اجل اعادة قراءة النص و من اجل تعديله. كما اننا لانملك هذه السلطة وحين تقع الكارثة في الاخير المواطن البسيط هو الوحيد من يؤدي الكلفة. ليس لدينا ثقافة تحمينا من بطش الادارة فكثير من الضحايا وقعوا في فخ هذه المعادلة الصعبة الغير متكافئة. كيف تحمي السارق بنص ؟ وكيف تجعل الضحية هو الجاني بفراغ قانوني.؟ والقاعدة القانونية المشهورة تقول ” لايعذر احد بجهله للقانون ”
ان اخطر عملية نخضع لها في كل العمليات الحياتية التي نتعامل بها ونخضع لقوانينها هي تلك النصوص التي تتوشح مفرداتها بديباجة ذات مرجع ديني يعلم واضعيها انهاستشكل مفتاحا سحريا يذلل عقبات وصعوبات التنزيل لان غالبية الناس لن ينتفضوا ضدها مادامت قد اتخذت في هندستها هذا المخطط فليس امامهم سوى التسليم والتوقيع على بياض ظنا منهم انه نص نزل من السماء ولم يعلموا ان بعض اللصوص وخاصة الساسة منهم وهم يسرقون خزينة الدولة والمال العام يذكر بعضهم بعضا بعدم نسيان قول
“بسم الله وهو يفتح باب الخزينة ليسرق ”
ذ ادريس الغلشي