إن السجال الدائر حول المسألة اللغوية ولغات التدريس,هو في جوهره سجال بين رهانات سياسية وإيديولوجية متناقضة, وفي غمرة تدافع وصراع القوى الحاملة لهذه الرهانات والمنافحة عنها ,تستدعي المصلحة الوطنية إقرار سياسة لغوية وطنية تدبر التنوع اللغوي والانفتاح على اللغات الأجنبية تدبيرا لا يخل ولا يمس بالمكانة الواجبة للغات الوطنية في المدرسة وفي مختلف الفضاءات العمومية , ففي ذلك احترام للمادة الخامسة من الدستور التي جاء فيها : ” تظل اللغة العربية اللغة الرسمية للدولة “.. و”تعمل الدولة على حمايتها وتطويرها وتنمية استعمالها” إن قرارات سياسية تفعيلية للمقتضى الدستوري المتعلق باللغات الوطنية الرسمية , عربية وامازيغية لم تعد تقبل التأجيل تحت أي مبرركان , وللحكومة الحالية مسؤولية تاريخية في هذا المضمار..ن
إنه بالحوار , وبالإرادة الوطنية السياسية الجريئة , وبالاحترام الواجب للدستور ولمقومات الهوية المغربية ,وبرؤية منفتحة ومستقلة للعلاقة مع لغة وثقافة الآخر تتجاوز الحسابات السياسوية العابرة ,وضغوطات “اللوبيات اللغوية الأجنبية” , يمكن تجاوز”وضع اللالغة ” كأحد أخطر مظاهر المنظومة التربوية الذي لا ينفع معه هذا “اللغو” المتجني على اللغة العربية كلغة تدريس ,ولا الطبخ لقرارات تصب الملح في الجرح… جرحنا اللغوي الذي طال أمده …
إن المغاربة ومنذ الاستقلال أقبلوا بشغف على التعليم والتكوين باللغة الفرنسية, وما زالوا ,لأن مشكلتهم لم تكن , وليست , مع الفرنسية كلغة آداب وفنون وفلسفة وعلم لها جاذبيتها الخاصة , وإنما مع الإيديولوجية الفرنكفونية ذات الخلفية الهيمنية على اللسان والقيم وقطاعات المجتمع الحيوية .. فرهان السلطة والهيمنة يسكنان كل لسان , وكما كتب ” ر بارث” :
“أن نتكلم ,وبالأحرى أن ننتج خطابا, ليس هو ان نتواصل,كما يردد غالبا, بل هو أن نسود ونسيطر (…) ما أن ينطق لسان, ولو في صميم الذات او عمق أعماقها, حتى ينخرط في خدمة سلطة معينة ..” ( رولان بارث ” الدرس” 1978) .فهل تستوعبون الدرس ؟
جليل طليمات / الرباط