َسبوتنيك 2، هو اسم اللقاح ضد كوفيد19 الذي طوره العلماء الروس، واختيار الاسم له دلالته، اذ يحيل على رحلة سبوتنيك 1 التي اطلقها الاتحاد السوفياتي ومثلت اول رحلة الى القمر في نهاية خمسينات القرن الماضي.
المصل جربه بوتين على ابنته، مايعني درجة ثقته فيما توصل اليه علماء بلده، واعلن انه سيكون جاهزا للاستعمال على اوسع نطاق في شتنبر المقبل وان هناك عدد كبير من الدول طلبت التزود به.
منظمة الصحة العالمية قالت انها لم تتوصل بعد باي شئ من روسيا، وهذه الاخيرة لم تكشف بعد عن اسرار هذا السبق العلمي ولم تنشر عنه تقارير او مقالات علمية، ويبدو ذلك عاديا في ظل السباق الدولي الجاري لللفوز بهذا السبق الذي يحقق سمعة ونفوذا ويدخل روسيا التاريخ من اوسع ابوابه، لانه سيحسب لها انها انقذت الحياة على الارض من خطر داهم وانقذت الاقتصاد العالمي من خطر الانهيار الذي يتهدده في حال مااذا جاءت موجات اخرى اعنف للجائحة دون مصل اودواء لمواجهتها.
روسيا التي كانت في مقدمة الدول الصاعدة في السنوات الاخيرة بمعدلات نمو عالية تعود بقوة، وستكون عودتها تلك اقوى لو تاكدت فعالية المصل ووزعته على نطاق عالمي، وبالمجان لبعض البلدان الفقيرة وذات الدخل المتوسط كما وعدت.
مكاسب الاتحاد السوفياتي السابق في ميادين التعليم والبحث العلمي في ميادين عديدة لم تذهب سدى، رغم كل الازماكت الحادةالتي واجهت روسيا بعد سقوط المعسكر الشرقي والاتحاد السوفياتي، اذ مكنتها من العودة بعد 20 سنة فقط واسترجاع الكثير من قوتها، وهو ما يظهر في مجالات كصناعة الاسلحة المتطورة والفضاء وغيرهما ومن الدور الذي تلعبه في الساحة الدولية ومناطق النزاعات وغيرذلك. لكن لايجب ان ننسى ان روسيا اليوم ليست الاتحاد السوفياتي السابق ولا يجب الخلط بينهما، فروسيا اليوم اختارت اقتصاد السوق وقطعت مع الاشتراكية. ويمكن القول ان بوتين كان قائدا قديرا ، ومعه بالتاكيد نخبة وطنية ر وسية وليس وحده، وانه نجح في تجنيب بلاده ماكان يريده بها غرب حاقد ومستعد للاستمرار في معركته للاضعاف.
تحضرني الان نبوءة الكسيس توكفيل، احد امتدادات فلاسفة الانوار وكاتب “الديمقراطية الامريكية” الذي شغل ايضا منصب وزير خارجية فرنسا، التي قال فيها ان العالم ستقوده في المستقبل قوتان: الولايات المتحدة وروسيا، وكانت روسيا وقتئذ، في القرن التاسع عشر غارقة في التخلف والاستبداد، وهي نبوءة تتعارض مع توقع ماركس بانه لا يمكن ان ياتي من روسيا غير التخلف.
شخصيا، ومن خلال متابعتي لبوتين، فان الرئيس الروسي ليس من النوع الذي يدلي بتصريحات لخلق البوز، وليس من النوع الذي يمكن ان يغامر بالاعلان عن التوصل الى مصل دون ان يكون متاكدا من تفاصيل كثيرة ودقيقة، خصوصا وان مسالة المصل هذه اكبر من يغامر بها في هذا الوقت الحساس جدا عالميا وعلى مستوى روسيا ايضا. فبوتين خريج الاستابليشمن السوفياتية، واساسا الكا جي بي، ويعرف جيدا ما حدث سابقا وما يحدث الان وله توقعات وحسابات بشان ما سيحدث غذا.
محمد نجيب كومينة / الرباط