نور الدين بلكبير
تطرح السرعة التي يتم بها إبرام العديد من الاتفاقيات بين الدولة المغربية والكيان الصهيوني خلال مدة قصيرة وفي العديد من المجالات: السياحة والثقافة والمجال الأمني والأكاديمي، وكان آخرها في المجال الرياضي الشعبي، كما سجلت كذلك علاقات عمل في مجالات الصحة والزراعة والاقتصاد والأمن الداخلي، عدة تساؤلات، خاصة أن تبرير التطبيع الرسمي مقابل الاعتراف الأمريكي لسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية الصحراوية مردود عليه لأن واشنطن كانت قد اتخذت قرارها بشأن قضية الصحراء، وحددت تصورها ونموذج الحكم الذاتي الموسع الذي ستقترحه وتفرضه على الأطراف المعنية بالنزاع، منذ ما يزيد عن سنتين من تاريخ 4 دجنبر 2020 تاريخ توقيع الرئيس الأمريكي الأسبق ترامب على قرار الاعتراف بسيادة المغرب على الأقاليم الصحراوية، كما أن التبرير الذي مفاده ” أن لنا مئات الآلاف من اليهود بفلسطين المحتلة من أصول مغربية” قد أريد به باطل، ذلك انه تهجيرهم تم بصفقة بين النظام المغربي والحركة الصهيونية العالمية، وتم تجنيد جزء منهم لقتل الفلسطينيين وبالتالي علينا الإقرار بان كل من حمل السلاح لقتل إخواننا في فلسطينيين والتنكيل بهم وتشريدهم لا مكان له بيننا، إلا أنه وبالمقابل وللتاريخ يجب تسجيل أن خلال هذه الحملة هناك من فرض عليهم التهجير القسري وخاصة الأطفال المغاربة اليهود الأيتام، والذين تعرضوا لأشكال التنكيل وتم تجنيدهم البعض منهم قسرا، وتعرض من فر من جيش الاحتلال إلى الملاحقة وحتى القتل، حسب أحد الناجين.
الكل يعلم أن العلاقات بين المغرب و”إسرائيل” لم تكن في يوم من الأيام مقطوعة وأن الاتصال كان يتم بصيغة أو بأخرى وعلى عدة مستويات وأحيانا عليا كما سنقدم ذلك لاحقا، وأن التعاون الإستخباراتي والأمني وحتى العسكري لم ينقطع في مرحلة ما، وكذا في مجالات متعددة أخرى، ونذكر منها : السياحة حيث كانت أفواج السياح من الجهتين، إذ أن بعض وكالات الأسفار المغربية تخصصت ومنذ مدة في تنظيم رحلات تحت غطاء” زيارة القدس” وصلت لدى إحدى الشركات إلى رحلتين في الأسبوع عبر مطارات تركيا أو إيطاليا، كما أن العديد من السياح الإسرائيليين كانوا يزورن المغرب بشكل مستمر، بل تخصصت بعض الفنادق وشركات النقل السياحي في هذا الموضوع( مدينة مراكش نموذجا) أما الجانب الجامعي فقد كانت اتصالات منذ نهاية الثمانينات، وعلى المستوى الفلاحي والتجاري عرفا مبادلات وإن كانت تتم أحيانا بوساطات، إلا أن الجميع كان يقر بها، علما أنه كانت محاولات لدفع بعض الأطراف بالعالم الجمعوي المغربي للتطبيع العلني، منها مبادرة تأسيس جمعية ” الصداقة “، إلا أنها باءت بالفشل.
لكن ما يزيد من شرعية طرح التساؤلات هو أن الصحافة الإسرائيلية عملت خلال بداية سنة 2020 على التركيز على موضوع هذا التعاون، وبشكل مثير للانتباه عبر نشر مذكرات واستجوابات مع رؤساء سابقين لجهاز الموساد ” الإسرائيلي ” تحدثوا خلالها عن زياراتهم للمغرب وكذا عن بعض الخدمات التي قدمتها الدولة المغربية ومخابراتها للكيان الصهيوني نذكر منها، السماح للموساد بالتسجيل خلال القمة العربية المنعقدة بالبيضاء سنة 1965، الاتصال سنة 1994 بحافظ الأسد والاقتراح عليه عقد اتفاقية مع إسرائيل) تفاصيل تصريح الرئيس السابق للموساد في الموضوع في التعليق)، وخدمات أخرى مرتبطة بتنظيم القاعدة ومحاولة اغتيال زعيمها أسامة بن لادن.
بالمقابل نجد أن هؤلاء الرؤساء السابقين لم يتحدثوا في ما يخص الخدمات المقدمة من طرفهم للنظام المغربي، إلا عن خدمة وحيدة هي المساعدة التقنية التي قدمتها الموساد للمغرب في ملف اختطاف واغتيال الشهيد المهدي بن بركة سنة 1965، معتبرين أنه لم تكن لهم الرغبة في المشاركة في العملية لأنهم يعتبرون أن الأمر يتعلق بشأن داخلي للمغرب، إلا أن حساسية المعلومات والمعطيات المتعلقة بالقمة العربية بالبيضاء لسنة 1965 هي التي فرضت عليهم ذلك، ولم يشيروا إلى خدمات أخرى خاصة في الجانب العسكري، ونذكر منها وبشكل خاص تزويد المغرب بدبابات جد متطورة آنذاك والدور الذي لعبه حاييم بارليف رئيس أركان الجيش الإسرائيلي في بناء الجدار الأمني بأقاليمنا الجنوبية الصحراوية، حيث نبه خلال تواجده بالمغرب على ضرورة الاستفادة من هفوات خط بارليف على الساحل الشرقي لقناة السويس والتي أدت إلى عملية اختراقه من طرف الجيش المصري) التفاصيل في التدوينة الخاصة بكواليس حرب الصحراء(
إن إصرار الصحافة الإسرائيلية في بداية سنة 2020 عبر تصريحات رؤساء الموساد السابقين، والحديث عن مقايضة الاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية الصحراوية مقابل تطبيع الدولة المغرب مع الكيان الغاصب، من اجل خلق رأي عام مغربي يدعم ذلك، رغم أنه كما سبقت الإشارة إليه فقد كان هناك تطبيع عملي على عدة مستويات وفي عدد من المجالات، منها ما هو ذات حساسية، وبما أن الدولة المغربية كانت عمليا في وضع مريح بذلك، فإن السؤال الذي يطرح، هو لماذا السعي إلى إخراج ذلك للعلن والمضي بهذه السرعة في إبرام اتفاقات في جميع المجالات بما فيها الاستراتيجية والتي ترهن استقلال وسيادة المغرب، وهي اتفاقيات تشكل سابقة في العالم العربي لم تقدم عليها حتى الدول التي لها معاهدات سلام مع الكيان الصهيوني.
لذا يبقى التساؤل حول ما فرض على المغرب كل ذلك وجعله يدخل في هذا الحلف رغم ما يجلب للمغرب من عداءات على المستوى الدولي، هل له علاقة بما يسمى بالدعم المغربي للحرب على الإرهاب، أم هل له علاقة بالصراع بدولة إيران، علما أنه بالنسبة لهذه الفرضية دولة الإمارات لها علاقات تجارية واسعة مع إيران، أو أن هناك أمرا ثالثا، أم…….؟؟؟؟؟؟؟
التعليق : الرئيس السابق ” للموساد الإسرائيلي” بين سنتي 1989 و1996 شبطاي شافيت Shabtai Shavit في استجواب لجريدة Times of Israël بتاريخ 10 يوليوز 2020، ليصرح بأنه خلال يناير 1994 طلب منه إسحاق رابين الوزير الأول الصهيوني آنذاك تقييما نهائيا لموقف سوريا من ” مسلسل أوسلو” وما هي التنازلات التي يمكن أن يقدم عليها الرئيس حافظ الأسد آنذاك مقابل إجلاء الجيش الصهيوني عن هضبة الجولان، وأرسله للقاء الملك الراحل الحسن الثاني ليقوم المغرب باستطلاع موقف الرئيس حافظ الأسد على أساس أن لا يصرح المبعوث المغربي للرئيس السوري بأن إسرائيل هي التي طلبت منه ذلك، بل أن يعمل على اعتبار أنها مبادرة مغربية نظرا لكون المغرب رئيس لجنة القدس وانه منخرط في مسلسل السلام بالمنطقة.