آخر الأخبار

لم أصدق أن هناك إسرائيلون في مغربنا : ولد الزاوية العباسية يدافع عن مجرم حرب

إدريس الاندلسي 

قالوا و كتبوا و اعترفوا أنهم إسرائيليون، أصروا على التنكر للتاريخ و لتاريخ بلادهم بالأساس. كتب المغاربة، الذين يستحقون الانتماء لشعب يعشق الحرية، صفحات في تاريخ الدفاع عن القدس و في التضحية بأرواحهم خلال حرب أكتوبر 1973. تحرك كل مؤمن بالقيم الإنسانية و بالقانون الدولي، و على رأسهم الملك الراحل الحسن الثاني، لكي يستجيب لدوره التاريخي و يقرر مشاركة تجريدتين مغربيتين في حرب تحرير الأجزاء المحتلة من جولان سوريا و سيناء مصر. و سجل الفنان الراحل الكواكبي نشيد ” بإسم العروبة و الإسلام… و القدس، سيناء و الجولان. إحنا جينا نحمي الدار…عرب أحرار…”
شارك شباب من جيلنا في مواجهة الصهيونية في المدن المصرية المحاذية للخط الوهمي المنهار الذي كان يسمى ” خط بارلييف “. سقط الحائط رغم الدعم الأمريكي الإمبريالي لإسرائيل و عادت صحراء سيناء إلى أم الدنيا مصر الغالية. و زعزعت كتائب المملكة المغربية خطوط دفاع الصهيونية في مدينة القنيطرة السورية. و أقبل ضباط و جنود المغاربة في سيناء و الجولان على التضحية بأرواحهم لأنهم آمنوا بالقضايا العادلة. و لو كتب لشهداء حرب أكتوبر 1973 من المغاربة أن يستمروا لإحقاق حق شعب فلسطين، لاستمروا في مواجهة صنيعة الإستعمار الأوروبي و ” جرائم سايس بيكو” بكل إيمان و تشبث بأخلاق المغاربة الأحرار. كيف يتنكر، أحد منا ،لهذا التاريخ رغم أن اجداده لم يكونوا خونة و لا متنكرين لقيم العدل و الدفاع عن المظلوم.
لم أكن أظن أن يتحول حيوان منوي مغربي إلى نطفة و مضغة و كائن يفرح لقتل طفل فلسطيني في غزة و القطاع. نختلف كمغاربة في مجالات عدة ، من ضمنها السياسة، و لكننا نجمع على التمسك بقيم الوطن. من منا لا يحزن على سلوك ابناء مغاربة ذوي قدرة على تسجيل حضور إعلامي متميز ، سخروا حضورهم لإسكات كل صوت يشجب الإجرام الصهيوني. يحق لكثير من الاعلاميين، و قد قدر لي أن أكون من ضمنهم، أن يفتخروا بوقوفهم ،بكثير من المسؤولية، في صف الحق في الحياة لكل الناس و خصوصا لشعب فلسطين. و يظل المساند للصهيونية خارج التاريخ و خارج كل المبادئ الإنسانية التي قررت بموجبها المحكمة الجنائية الدولية إصدار قرار الاعتقال في حق نتنياهو المجرم و و وزير دفاع إسرائيل المعزول ” غالندت”. و يظل هذا المغربي، صاحب المؤسسة الإعلامية الكبيرة بإمكانياتها، يعادي القيم التي يؤمن بها المغرب ملكا و شعبا. و لا يخجل حين يخرج عن إجماع شعب، و لا يتحرك بداخله أي شعور إتجاه أطفال غزة الذين قتلوا بسلاح نتنياهو و كل مجرمي الحرب في الكيان الصهيوني.
صدمني أحد الأصدقاء، الذين يعرفون خفايا الحي المراكشي الذي ترعرعت فيه ، أن صاحب التصريح بأننا ” كلنا إسرائيليون ” ينتمي إلى الحي و المدينة التي سقتني كل مبادئ التربية على المواطنة. لم استفق من هول الصدمة لكون حي الزاوية العباسية بمراكش احتضن الكثير من مقاومي الإستعمار الذي يعرفهم والده و كل أبناء الحي الذين شاركوا في العمل الوطني. كيف لحفيد أسرة الشرعي التي سكنت هذا الحي الجميل أن يصل إلى هذا المستوى من التنكر لقيم العدل و التضامن و للتاريخ . إنتقلت هذه الأسرة المحترمة إلى خارج أسوار مراكش و لكنها ظلت، ككافة الأسر، وفية لقضايا الوطن و التزاماته التي أكد عليها الملكين المجاهدين محمد الخامس و الحسن الثاني. و لا زال الملك الحكيم محمد السادس رئيسا ملتزما بما تقتضيه رئاسته للجنة القدس و وفيا للقضية الفلسطينية. و لا يحتاج مغرب ” العز بين الأمم ” لبيادق على لائحة شطرنج. مملكة المغرب واجهت كابرانات الجزائر بكل العزم منذ عقود. و لا يحتاج المغرب إلى من يقتلون أطفال فلسطين لمواجهة كل من يقترب من حدوده.
أهل مراكش و حي الزاوية العباسية الذين يمتلكون ذاكرة تاريخية دقيقة يصرون على حفظ هذه الذاكرة بكل ما تحتويه من معطيات و مواقف، غير انتقائية، لصيانة تاريخهم. مراكش مدينة نظمت مظاهرة ضد الإستعمار بقيادة شاب لم يتجاوز عمره 18 سنة اسمه عبد الله إبراهيم، رئيس حكومة في بداية الاستقلال. مراكش المناضلة قدمت ، كغيرها من مدن و قرى المغرب، شهداء من النساء و الرجال من أجل استقلال المغرب ، التزمت بكل القضايا القومية و ظلت وفية لها. نسي هذا الوفي لإسرائيل أننا في ” سينما مرحبا ” بباب تاغزوت اقسمنا سنة 1967 على الوفاء لفلسطين و أقسم على هذا الوفاء ملك البلاد و أحزابنا و مؤسساتنا و جمعياتنا منذ النكسة سنة 1948. علقنا على الجدران شعار الثورة الفلسطينية ” مقاوم و ليس قاتل ” . كان صاحب الإمبراطورية الإعلامية صغيرا و نسي أن المغرب بلد الإلتزام بالعهود. أهل الزاوية العباسية يعرفون أن الوطن مقدسا و أن قضية فلسطين قضية وطنية . و يعرفون الكثير من الأسرار عن من يعشق المغرب حتى النخاع ، و من يحاول زرع الفتنة و يحاول التنكر لالتزاماته الصامدة صمود القدر. من حق كل مغربي يكره مجرمي الحرب أن لا يلقي عليك السلام.