لنكتب حتى يرانا التاريخ ، فالحشد لا يصمد أمام الوثيقة
( دعوة إلى البوح وتدوين الوقائع الشخصية والمجتمعية )
مصطفى المنوزي
كما سبق وأكدنا بمناسبة تقييمنا لفترة الحجر الصحي ، سواء من خلال التقرير المؤسسي للمركز المغربي للديمقراطية والأمن ، أو سواء من خلال المقالات والتدوينة والتحليلات الخاصة ، أن عملية التشخيص ضرورية من أجل كشف بعض الحقائق وإبراز مدى صحة المعطيات المرتبطة بها ؛ يقتضي الإعتناء ، عند تحليل المضمون ، بكثير من التفاصيل التي قد تبدو ، في السياق واللحظة ، غير مهمة ، وبأن تمكين المخَاطبين والرأي الآخر المتفاعل ، المتلقي أو المتواصل ، من مجرد خلاصات ومقترحات أو توصيات ، لا يجدي ، فالفهم والإستيعاب مفيدان لأجل الإقناع في أفق التعبئة والإستقطاب للإصطفاف والإئتلاف والدعم ، وقد عاينا ولاحظنا مثلا كيف تتم مصادرة الرأي والحق في التعبير عنه باسم ضيق الوقت ، بل إن كثيرا من الندوات العلمية أو السياسية تحولت إلى مجرد لحظات لاستهلاك وجهة نظر المحاضر ، وكأننا به مدرس يلقن ويوجه . ولأن عدم حفظ الحق في الرد أو التعقيب فيه مساس جلي بمبدأ تكافؤ الفرص في إستعمال الزمن والمساواة في توزيعه ، وهو تعسف فاضح يقترن أحيانا بتعسف ميسر او مقدم المحاضرة والذي يستغل النفوذ ليبدي رأيه دعما لنفس المادة محل الإستهلاك القسري ، فبإسم سلطة التسيير يمارس القهر بنعومة والإكراه بسيولة . لذلك حان الوقت لكي يبحث كل منا عن منابر ومنصات ، توفر له كافة إمكانيات التعبير عن كفاءته وأفكاره وعن جدارته ليس فقط في التعبير والإعلان عن حاجياته ورغباته ، بل أيضا عن قدرته في المنافسة المختلفة أوالتنافس الندي في صناعة القرار و تقرير المصير المشترك ، وتجويد آليات المقاربة التشاركية ، في إنتظار إنضاج شروط البناء الديمقراطي . ولعل الكتابة والبوح الموثق ، لذلك ندعوكم للكتابة كي يراكم مخاطَبوكم ، من أصدقاء او خصوم أو أعداء حتى . فرغم الحصار الصلب والقمع الناعم فإن التاريخ يرانا ، التاريخ الذي نكتبه لا بمنطق عدالة المنتصرين ولا بعقدة ايديولوجيا المنهزمين ، فحذار أن نوصم بشعوب ما قبل التاريخ .