في فجر عصر أسماه العلماء عصر الإنسان (أنثروبوسين) نتيجة التأثير الذي يخلفه البشر على كوكب الأرض، انبرى مؤتمر الطاقة العالمي المنعقد في أبو ظبي للدفاع عن نفسه أمام التغير المناخي.
مع إلقاء اللوم على حرق الوقود الأحفوري باعتباره “الشر” الطاغي الذي يزرع الفوضى في عصر الإنسان، اتفق كثيرون على أنه بعد عقود من حروب الطاقة، فإن النزاعات المستقبلية قد تكون مدفوعة بالمنافسة على المياه النظيفة مع انحسار الغطاء الجليدي وجفاف الأنهار.
وعندما سئلوا عن أكبر مصدر لتوتر المناخ العالمي في عام 2040، كانت ندرة المياه هي الإجابة المرجحة لدى أكثر من نصف خبراء الطاقة والمسؤولين الذين استطلعت آراؤهم في مؤتمر الطاقة العالمي في أبوظبي هذا الأسبوع.
وقال الكويتي عدنان شهاب الدين الذي شغل سابقا منصب القائم بأعمال الامين العام لمنظمة أوبك، “قبل عشر أو عشرين سنة كان النفط على رأس القائمة بالتأكيد”.
وأضاف أمام مؤتمر الطاقة العالمي الذي يعقد كل أربع سنوات أن النفط لم يعد كذلك اليوم “ويرجع السبب في ذلك إلى عاملين: لدينا المزيد من الموارد في جميع أنحاء العالم، لا سيما بفضل التكنولوجيا … والموارد موزعة بصورة متساوية أكثر”.
لكن مثل العديد من القادة والمدراء التنفيذيين الآخرين في المؤتمر، أصر على أنه بالنظر إلى الطلب العالمي المتوقع على مدى العقود المقبلة، يمكن أن ينعكس الوضع عن طريق التحول السريع إلى مصادر الطاقة المتجددة.
واستثمرت دول الخليج عشرات المليارات من الدولارات في مشاريع الطاقة النظيفة، وخاصة في الطاقة الشمسية والنووية. لكن النقاد يقولون إن الكثير من هذه المشاريع يسير ببطء ولم يتجاوز مرحلة التخطيط في ظل عدم توفر الإرادة السياسية.
لكن الاعتماد على النفط قوي جدا لا سيما في ظل وفرة الإمدادات في حين أن التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة ينطوي على كلفة باهظة.
وقالت “اللجنة العالمية للتكيف” يوم الثلاثاء إنه يتعين على الدول الغنية وكذلك الفقيرة الاستثمار الآن لحماية نفسها من آثار تغير المناخ حتى لا تتكبد كلفة أعلى بكثير في ما بعد.
وقال رئيس اللجنة الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون “نحن الجيل الأخير الذي يمكنه تغيير مسار تغير المناخ، ونحن الجيل الأول الذي يتعين عليه بعد ذلك تحمل العواقب”.
وأدى الفشل في كبح انبعاثات الغازات الدفيئة التي تعمل ببطء على رفع حرارة الأرض إلى هبوب موجات من القيظ الشديد خلفت ضحايا وشح في المياه وعواصف هائلة ازدادت قدرتها على التدمير بسبب ارتفاع مستوى البحار.
وارتفع متوسط درجة حرارة سطح الأرض بمقدار درجة مئوية واحدة منذ أواخر القرن التاسع عشر. وتتجه الحرارة صعودا مع توقع أن ترتفع بدرجتين أو حتى ثلاث درجات بنهاية القرن الواحد والعشرين إذا استمرت معدلات انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على ما هي عليه اليوم.
وقال مارتن فريك، كبير مديري السياسات في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، في إحدى حلقات النقاش في أبوظبي: “نحن أكبر عامل مؤثر على الطبيعة هذه الأيام. وكما يقولون، كلما اشتد بأسنا عظمت مسؤوليتنا”.
وتحدث أمين ناصر، الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو، أحد القادة البارزين في مؤتمر الطاقة العالمي، عن “أزمة في الإدراك” يواجهها القطاع والمخاطر المتزايدة بأن يرتد مجتمع المال ضد الوقود الأحفوري.
وقال فريك إن المساعي الدبلوماسية بشأن تغير المناخ لا تزال تعمل رغم الصعوبات. وقال “هناك حاجة ملحة لذلك… التأثيرات مقلقة للغاية، وبغض النظر عن كم المفاوضات التي نخوضها، فلا يمكننا أن نتفاوض مع الطبيعة”.