أوصى المؤتمر الثاني عشر لنقابة الاتحاد المغربي للشغل بتأسيس “مؤسسة المحجوب بن الصديق للفكر النقابي والثقافة العمالية” ، اعترافا برمزها وتاريخها النضالي والنقابي، وصونا للذاكرة التاريخية، وحفظا للتراث الفكري العقائدي والرمزي للاتحاد المغربي للشغل .
و حددت مهام المؤسسة المذكورة في إنجاز وتنظيم كل ما يتعلق بالثقافة العمالية والتكوين النقابي، ومنها :
التعريف بالتاريخ المجيد لحركتنا العمالية ومنظمتنا النقابية، وبأصالتها التاريخية وهويتها الوجودية، وبإشعاعها الثقافي وتوهجها الفكري.
تنظيم ندوات وأيام دراسية تعنى بقضايا تهم الطبقة العاملة اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا.
تنظيم ورشات تكوينية لمناضلات ومناضلي الاتحاد المغربي للشغل.
المساهمة في النهوض بالتضامن النقابي الدولي .
وكان الفقيد قد لبى نداء ربه يوم 17 شتنبر 2010 ، و بوفاته فقدت الحركة النقابية الوطنية رائدها التاريخي وزعيمها الوطني المحجوب بن الصدق تغمده الله بواسع رحمته.
كرس الفقيد حياته للكفاح الوطني من أجل استقلال المغرب وحريته واسترجاع سيادته والنضال من أجل حركة نقابية وطنية، وتأسيس منظمة نقابية للعمال المغاربة، وحدوية، مستقلة وديمقراطية، وذلك بهدف وضع حد نهائي للحماية السياسية والحماية النقابية على السواء.
وتميزت الحركة النقابية الوطنية منذ الأربعينات من القرن العشرين بطابعها المزدوج لالتزام العمال الطبقي والوطني من أجل نيل الحرية السياسية والحق النقابي وممارسة الحريات النقابية، وقد ارتبطت هذه الحركة منذ ذلك التاريخ باسم المحجوب بن الصديق وبالدور الريادي الذي قام به في ظل شروط صعبة، معقدة وشبه مستحيلة.
لكنه رغم سنوات الاعتقال والاضطهاد، تمكن إلى جانب نخبة من رفاقه المناضلين من تأسيس منظمة نقابية وطنية تؤطر العمال المغاربة في 20 مارس 1955، معلنة أن حل الأزمة المغربية مرهون بعودة جلالة الملك محمد الخامس إلى عرشه والاعتراف بالسيادة الوطنية. كما أهاب نداء 20 مارس 1955 بالعمال المغاربة بالنضال من أجل الحق في العمل، والقضاء على البطالة، وأجور ملائمة، والضمان الاجتماعي، وعقود جماعية، وتوزيع خيرات البلاد توزيعا عادلا، واحترام حقوق الإنسان وإرساء نظام ديمقراطي.
ولد الاتحاد المغربي للشغل من رحم حركة عمالية ثورية أصيلة، وثمرة لمسلسل نضالي وطني في مواجهة نير الاستعمار الفرنسي البغيض وحيف الحماية النقابية العنصرية التي كانت تمارس بين العمال الأوروبيين والعمال المغاربة.
وقد احتفل العمال المغاربة بفخر واعتزاز يوم 2 مارس 1956 بإلغاء عقد الحماية وإعلان استقلال المغرب واسترجاع السيادة الوطنية.
لم يكن المحجوب بن الصديق مناضلا وطنيا فقط، بل مغاربيا، إفريقيا، عربيا و أمميا.
وهكذا، ناضل من أجل تحرير الجزائر واستقلال بلدان شمال إفريقيا منذ لقاء طنجة التاريخي في 20 أكتوبر 1957، تعبيرا عن تطلعات العمال وطموحات الشعوب في تشييد صرح المغرب العربي الاجتماعي والديمقراطي. وقد كان تأسيس “ الاتحاد النقابي لعمال المغرب العربي “ في 7 دجنبر 1989 بمدينة الدار البيضاء ثمرةإصراره على نهج طريق التعاون والتضامن وتجاوز مخلفات الاستعمار.
كما ناضل من أجل تحرير القارة الإفريقية بتأسيس اتحاد النقابات الإفريقية، كما جعل من القضية الفلسطينية أولوية مقدسة لدى الطبقة العاملة المغربية والاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب، ومن التضامن النقابي الدولي أحد المبادئ المركزية في الاتحاد الدولي للنقابات الحرة.
وقد ظل إلى حين وفاته مدافعا صلبا في المحافل النقابية والعمالية الدولية عن الوحدة الترابية للمغرب، باسترجاع صحرائه وتحرير الثغرين السليبين سبتة ومليلية والجزر المحيطة بهما من براثن الاستعمار الإسباني.