أثارت ظروف فيروس كورونا المستجد ( كوفيد 19 ) لغطا حتى لا أقول جدلا – إذ للأخير قواعده وقوانينه الخاصة – حول مفهوم التعلم عن بعد، وكأن المفهوم يشكل ربيبا للفيروس ،وذلك بعد أن شرعت في تنزيله الوزارة الوصية ،عبر وسائط عدة في مقدمتها القنوات التلفزية الثقافية ،وقامت بتطبيقه مجموعة من المؤسسات العمومية والخصوصية ومن بينها مؤسسة صوفيا للتعليم الخصوصي ،بل أكاد أقول إن هذه الأخيرة قد أبلت فيه بلاء حسنا . إلا أنه عوضا عن تكريس ثقافة الاعتراف ، وتشجيع كافة الكفاءات والطاقات على جميل صنيعها ،وتفانيها المطلق في لحظة تاريخية فارقة في تاريخ الألفية الثالثة ،ونضالها المستميت لتحقيق الاستمرارية البيداغوجية ،وإيصال المعلومة بشتى الطرق والوسائل ،وما يقتضيه ذلك من استعداد بدني ونفسي ولوجستيكي ،أظهر بما لا يدع مجالا للشك أن التعليم قطاع استراتيجي إلى جانب الصحة وبجوارها .
بدلا من كل ذلك سلك بعض الشركاء الاجتماعيين مسالك تنم فعلا وحقيقة عن خبث النوايا ،وعن الجهل المركب والمضاعف ،واختاروا الدخول في صراع مرير مع المؤسسة مفاده الامتناع عن أداء مستحقات أبنائهم الشهرية مدعين أن التعلم عن بعد بالنسبة لهم لا يمكن أن يحل محل التعليم الحضوري أو يعوضه في هذا الظرف الاستثنائي ضاربين بعرض الحائط كافة المجهودات السابقة ومتنكرين لمجمل التسهيلات التي قامت بها المؤسسة بحس إنساني يراعي التزاماتها مع أكثر من جهة إضافة إلى مصالح كافة الفئات الاجتماعية العاملة بالمؤسسة ابتداء من حراس أمنها مرورا بالسائقين والطاقم الإداري والتربوي ومهندسي النظافة والمربيات الاجتماعيات إلى غير ذلك من كافة الموظفين .
لمثل هؤلاء نقول إن بوصلة الصراع لم تقدهم إلى عدو مفترض أو حقيقي في نفس الآن ،إذا أمكننا أن نتحدث كذلك ،وإلا فالجهة التي كان من الممكن أن توجه إليها سهام انتقاداتهم بغض النظر عن وجاهتها هي الوزارة بدلا من المؤسسة إذ هي صاحبة قرار تنزيل التعلم عن بعد ،وفي هذه الوجهة كذلك نتساءل لماذا تم التزام الصمت المطبق بعد مرور ثمانية أشهر منذ نزول القانون الإطار 17/51 في 9 غشت 2019 ونشره بالجريدة الرسمية بنفس التاريخ وهو قانون ينص في المادة 33 على :
*تعزيز إدماج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في النهوض بجودة التعلمات وتحسين مردوديتها .
*إحداث مختبرات للابتكار وإنتاج الموارد الرقمية ،وتكوين مختصين في هذا المجال .
*تنمية وتطوير التعلم عن بعد ،باعتباره مكملا للتعليم الحضوري .
*إدماج التعليم الإلكتروني تدريجيا في أفق تعميمه .
إن فيروس كورونا / كوفيد 19 ،كان عاملا سرع في عملية إدماج التعلم عن بعد ،وتركه ينتقل من الطابع التدريجي وما يقتضيه من مرحلة انتقالية إلى طابع التنزيل الفعلي الذي اقتضته الظرفية الخارجة عن إرادة الكل بشكل قسري ألغى كل إرادة إنسانية فعلية وحقيقية .
إن ما عبر عنه بعض الشركاء الاجتماعيين يلخصه المثل القائل “أسمع جعجعة ولا أرى طحينا ” وهو ما يبدو متناقضا مع الحزم واليقظة والحنكة والاستباق الذي قامت به المؤسسة منذ الإعلان عن الحالات الأولى للإصابة بالوباء مرورا بتوقيف الدراسة الحضورية يوم 16/03/2020 .
لم يكن ذلك اعتباطا أو بمحض الصدف العجيبة ،وإنما جاء نتيجة لعوامل عدة نذكر منها :
*قيادة إدارية تعمل وفق استراتيجية وتاكتيك مدروسين ،مرفوقة بخبرة ميدانية تمتد عبر أربعة عقود داخل الأقسام تدريسا أو تأطيرا ومصاحبة ،إضافة إلى المسؤولية الإدارية في أعلى مستوياتها ،وقبل هذا وذاك رؤية وتمثل مصحوبان بمشروع تربوي متكامل .
* طاقم إداري وتربوي شعاره التضحية والاستماتة يضم طاقات عظيمة وهمم عالية ونخب مبدعة مشهود لها بالكفاءة المهنية والفنية الاحترافية والخبرة الميدانية والعمل الجماعي ،وأعمالها شاهدة على ذلك ،إذ في ظرف وجيز تمكنت المؤسسة إلى حدود يوم 02/05/2020من إنجاز ما يناهز 3805 درسا رقميا شملت جميع مستويات التعليم بالمؤسسة ابتداء من التعليم الأولي417 درسا والتعليم الابتدائي990 درسا مرورا بالتعليم الإعدادي الثانوي 669 درساوالتعليم الثانوي التأهيلي 1729 درسااستمرت فيه جدولة حصص التعلم عن بعد بمختلف الوسائل والوسائط ابتداء من منصة خاصة بالمؤسسة ومجموعات للأقسام عبر الوات ساب ،أو تطبيقات زوم أو كلاس روم ،وصولا إلى الأقسام الافتراضية عبر المايكروسفت تيمس انطلاقا من برنامج مسار .
ناهيك عن ذلك و بفضل رؤية السيدة المديرة التربوية المتبصرة بركيزتي البعد الاستراتيجي والمشروع التربوي تم تحقيق عمليات استباقية في مجالات عدة منها على سبيل المثال الشمولية المحققة لتكافؤ الفرص والتي لم تستثن أي مستوى دراسي أو مادة من المواد ،إلى جانب الأنشطة التطبيقية والتفاعل الإيجابي والبناء من قبل تلاميذ وتلميذات المؤسسة ،إضافة إلى المجهودات الجبارة لخلية الإعلام والتتبع في الإخبار بالدروس وجدولتها سواء ما يتعلق بدروس المؤسسة أو تلك التي تبث عبر مجموعة من القنوات ،واستبعادا لما يفرضه الحجر الصحي من مكوث بالبيوت
تعبيرا عن مواطنة واعية كانت المؤسسة سباقة لإدراج مادة التربية البدنية في الجدولة الزمنية لمختلف الحصص قصد تفريغ مجمل الضغوطات النفسية المصاحبة للمرحلة .
وإذ تتابع مؤسسة صوفيا الاستمرارية البيداغوجية دونما توقف أو كلل متحملة مسؤوليتها تجاه كافة التلاميذ وخلفهم الشركاء الاجتماعيين غير مبالية بالسلوكات المشينة والأخلاق الدنيئة في لحظة تاريخية تفرض التعاون والتآزر ولو بالكلمة الطيبة ، تعلن أنها وبقوة القانون تلتزم بتوجيهات وقرارات الوزارة ،وستقوم بما يمليه وازعها الداخلي وقيمها الأخلاقية ومبادؤها الرصينة الضاربة في أعماق جذور التاريخ بواجبها ومسؤوليتها التربوية كاملة مكتملة أحب من رغب ،ورفض من كره ،،منوهة في نفس الآن بالشركاء الاجتماعيين الداعمين لمؤسسة أبنائهم .
وتعتبر الحملة الظلامية الشرسة انطلاقا من قراءة جدلية منخلا يحمل تباشير الإقبال على المؤسسة وفرز تخللتها أيا كان مصدرها وتوجهها واستبدال قوم بآخرين مصداقا لقوله تعالى : “
“إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين ،وكان الله على ذلك قديرا “.
وقوله :
” إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز ” .
وقوله :
“وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم “
صدق الله العظيم