آخر الأخبار

مؤشرات قطاع الصحة: ضعف رغم تمويل يتضاعف 

إدريس الأندلسي

أصدرت المندوبية السامية للتخطيط تقريرها لسنة  2024  حول المؤشرات الإجتماعية.  يضم هذا التقرير معطيات متنوعة  و كثيرة حول القطاع الإجتماعي ، بعضها يقف عند نهاية سنة  2022  ، و جزء منها لا يتجاوز سنة 2018. و تهم هذه المعطيات سبع قطاعات تهم السكان  و الأسرة، و التشغيل  و العطالة،  و التربية  و التكوين  و الصحة، بالإضافة إلى السكن  و النمو و المداخيل  و مستوى عيش الأسر.  و يضم الجزء السابع من هذا التقرير معطيات عن الثقافة  و الترفيه. 

سيتم تناول قطاع الصحة في هذه الورقة نظرا لراهنتيه  و لأهميته بالنسبة لحق دستوري يحث على الحق في الولوج إلى الخدمات الصحية.   الخبر الجيد في هذا  التقرير يتعلق بتجاوز متوسط عمر المغاربة لعتبة 77 سنة.  و لا زال العنصر النسوي يتفوق في مواجهة آفات الصحة أكثر  من الذكور  و ذلك بمعدل يصل إلى  78،8 سنة.

يؤكد التقرير على أن مؤسسات العلاج الأساسية  بلغ عددها 3015 سنة 2022 مقابل 2935 سنة 2020. و يمكن اعتبار هذه الزيادة متواضعة بالنسبة لمستوى  ضعف كثافة الخريطة الصحية ببلادنا  . و يبين مؤشر عدد الأسرة بالمستشفيات  البالغ عددها 170 مؤسسة لا تتوفر سوى على حوالي 27 ألف سرير . و يتماشى هذا المستوى مع مؤشر مهم هو نسبة الأطباء لكل  10 آلاف نسمة  و الذي لا يتجاوز 7،6 طبيب.  و  يشكل هذا المؤشر  معطى احصاءي  لا يأخذ بعين الاعتبار تمركز الأطباء بنسبة  50% في جهة الرباط سلا  و القنيطرة ، و جهة الدار البيضاء سطات.  و تبين الإحصائيات أن ساكنة جهة درعة تافيلالت لا تتوفر إلا على طبيب واحد لكل 3073 نسمة و ذلك مقابل طبيب واحد لكل  835 نسمة في جهة الرباط سلا القنيطرة. 

 تشير مؤشرات التغطية الصحية إلى أرقام متزايدة لنسبة المستفيدين من مختلف أنظمة التأمين الإجباري عن المرض. و تتماشى هذه التطورات مع زيادة ميزانية  قطاع الصحة بما قدره  20 مليار درهم خلال السنوات السبع الأخيرة.  و قد تحسنت مؤشرات انتشار بعض الأمراض الخطيرة كداء فقدان المناعة المكتسبة  و داء الملاريا  و  التهاب الكبد ” ب” و الكوفيد 19. و تظل اعداد الوفيات عند الولادة مرتفعة رغم تراجعها في المجال الحضري و تحسن المتابعة الطبية للولادات. 

و تشير المؤشرات  كذلك إلى أن عدد الأشخاص ذوي الوزن الزائد قد ارتفع بنسبة 20% سنة 2018 بالمقارنة مع سنة  2001. و زادت نسبة المدخنين  و خصوصا في جهات الداخلة واد الذهب ، و جهة الرباط سلا القنيطرة  و جهة العيون الساقية الحمراء وادي الذهب.  و تتجاوز نسبة المدخنين على الصعيد الوطني 11،3% أغلبهم من الذكور.  و تظل أسباب الوفيات مرتبطة بأمراض القلب و  الشرايين بنسبة 20،8%، و بأمراض الأورام الخبيثة  بنسبة  11،4%. و يشير التقرير أن  حالات محاولات الانتحار بلغت  1719 بين سنة 2016 و سنة  2020. و قد أدت هذه المحاولات إلى 1104 حالة  وفاة. و تبين الإحصائيات أن مجال الصحة النفسية يعرف نقصا كبيرا في مجال التأطير الطبي حيث أن بلادنا لا توفر إلا على 0،6 طبيبا لكل  100 ألف نسمة.  و يشكل هذا المؤشر معطى إحصائيا يؤكد تراجعا كبيرا في مجال الصحة النفسية ببلادنا. 

و تبين جداول الإحصائيات أن هناك تراجع كبير في عدد الأسرة القابلة للاستعمال بالمستشفيات  العمومية.  و قد إنتقل عددها من 22636 سريرا  سنة  2005 إلى  20364 سريرا  سنة  2021. و قد أثر هذا الوضع على عدد المرضى الذين تم قبولهم في المستشفيات  حيث تراجع عددهم من  حوالي 1،154 مليون مريض سنة  2019 إلى  939 ألف مريض  سنة  2021. و لم يتجاوز معدل تشغيل الأسرة في المستشفيات نسبة 59،7%  خلال سنة 2021.

و تبين المعطيات الخاصة بالقطاع الخاص انتشار مهما لمؤسساته عبر التراب الوطني . و قد وصل عدد المصحات الخاصة إلى  408  أكثر من  85% %منها يتمركز   في المدن الكبرى.  و الأمر نفسه يسري  على مختبرات التحليلات الطبية  و عيادات طب الأسنان.  و يظل المؤشر الأكثر ثقلا على مستوى الولوج إلى العلاجات هو تمركز الأطباء في القطاعين العام و الخاص في المدن الكبرى  مثل  الدار البيضاء   و الرباط  و فاس  و مراكش  و وجدة  و أكادير.  و لا يتجاوز عدد الأطباء بجهة العيون الساقية الحمراء 277 طبيبا،    و درعة تافيلالت  506 طبيبا،   و جهة كلميم  واد نون 203 طبيبا  ، و جهة  الداخلة وادي الذهب  89 طبيبا.  و إذا أخذنا بعين الاعتبار تمركز أطباء القطاع الخاص فسنجد  أن أكثر من ثلثهم، أي 5192 يمارسون عملهم بالدار البيضاء أساسا.  أما الباقي فيتمركزون في مدن الرباط  و مراكش  و فاس.  و كل هذه المعطيات تطرح قضية العدالة في الولوج إلى العلاجات.  و تطرح كذلك قضية ضبط الخريطة الصحية للقطاعين العام و الخاص.  و لا يمكن حصر ضبط الخريطة الصحية من خلال وضع ثقلها على القطاع العام  دون القطاع الخاص.  و هنا يجب التنويه بأدوار القطاع التعاضدي الذي يتواجد في الكثير من المناطق المهمشة طبيا.