في سنة 2001 وجه الشاعر محمود درويش رٍسالة إلى الشعب الفلسطيني بمنسابة ذكرى النكبة أقتطف لكم ( ن) فقرات منها, إذ مازالت لها راهنيتها : فها هي الذكرى 72 للنكبة تحل والشعب الفلسطيني يواجه أخطر مؤامرة على حقوقه التاريخية المشروعة في العودة وبناء دولته المستقلة على أرضه السليبة وعاصمتها القدس أطلق عليها بسفالة اسم ” صفقة القرن ” التي ستبيع بموجبها دول خليجية الوطن الفلسطيني المحتل لإسرائيل بوساطة تاجر البيت ألأبيض ,وتبني معها حلفا جديدا علنيا لمواجهة ” الخطر الايراني” المزعوم ! وقد دشنت أولى بنود هذه المؤامرة بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة وذلك في أبشع تحدي للشرعية الدولية ولمشاعر المسلمين والمسيحيين ولكل القوى العالمية المدافعة عن قيم الحق والعدل والسلام .. وهاهي اليوم تتواصل بدق طبول الحرب على قوى الممانعة, ومحور المقاومة في المنطقة , وبمحاولات ” تجزيء المجزء” بتفتيت كيانات الدول المناهضة للاستراتيجية الامريكية الصهيونية الخليجية في المنطقة والعالم .. وهكذا مازالت نكبة 1948 تتمدد وتنتج مزيدا من النكبات في زمن عربي راكد تقلصت فيه وتوارت ,شعارات الوحدة والتحرير , وتبخرت الأحلام بالحرية والديمقراطية والإشتراكية أمام هرولة جزء عريض ومؤثر من النظام العربي الرسمي نحو التطبيع , وتعالي أصوات نخب سياسية وثقافية إلى اتباع نفس المسلك بدعوى ” الخطر الاسلاموي !!”
ومن داخل هذا النفق يبقى الأمل في القابضين على بوصلة المقاومة التي ستقود حتما نحو نهاية النفق : نحو دحر صفقةالقرن الجاري تصريفها إلى ” صفقات” , ونحو تقرير الشعب الفلسطيني المقاوم لمصيره واسترجاع حقوقه الوطنيةالمشروعة وفي مقدمتها بناء دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس .. هل هو حلم ؟.. نعم فلا نضيع الحلم أيضا بما هوشحن للإرادة وتحصين للوعي الوطني التحرري من الاستسلام للأمر الواقع .
يقول درويش في رسالته ” الخالدة” المشار إليها أعلاه :
“اليوم هو يوم الذكرى الكبرى، لا نلتفت إلى أمس لاستحضار وقائع جريمة وقعت، فما زال حاضر النكبة ممتداً ومفتوحاً على جهات الزمن، ولسنا في حاجة إلى ما يذكرنا بتراجيديتنا الإنسانية المستمرة منذ ثلاثة وخمسين عاماً، فما زلنا نعيشها هنا والآن، وما زلنا نقاوم تداعيات نتائجها، الآن وهنا، على أرض وطننا الذي لا وطن لنا سواه لن ننسى ما حدث لنا على هذه الأرض الثكلى وما يحدث، لا لأن الذاكرة الجمعية والفردية خصبة وقادرة على استعادة حكاياتنا الحزينة، بل لأن الحكاية-حكاية الأرض والشعب، حكاية المأساة والبطولة، ما زالت تروى بالدم، في الصراع المفتوح بين ما أريد لنا أن نكون، وبين ما نريد أن نكون.
. لم ننس البداية، لا مفاتيح بيوتنا، ولا مصابيح الطريق التي أضاءها دمنا، ولا الشهداء الذين أخصبوا وحدة الأرض والشعب والتاريخ، ولا الأحياء الذين ولدوا على قارعة الطريق، الذي لا يؤدي إلا إلى الوطن الروح، ما دامت روح الوطن حية فينا ”
.لن ننسى أمس، ولا الغد، والغد يبدأ الآن، من الإصرار على مواصلة السير على هذا الطريق.. طريق الحرية، طريق المقاومة حتى التقاء التوأمين الخالدين: الحرية والسلام. ”
جليل طليمات / الرباط