آخر الأخبار

” ماني راضي” و ذعر الكابرانات تبون يبدع في الكلام غير المباح

إدريس الأندلسي

و تظل الجزائر سجينة عقلية لم تتحكم في مسارها مناهج الإبداع و مبادئ الحرية و عقلية خلق الثروات و إرادة في توزيع ثروات ليستفيد شعب من خيرات بلاده. ابتدع ناهبو ثروات بلاد الجزائر لغة و نهجا و سياسة هدفها صناعة عدو خارجي للاستمرار في السرقة و النهب و تغييب الحريات و استغباء شعب منذ 1962. و تستمر اللعبة التي يتقنها بعض صغار ضباط صنعتهم فرنسا قبل مغادرة جيشها للجزائر. و وصل صغار الضباط إلى مراكز قيادة دولة بعد أن تم القضاء على من وهبوا حياتهم و أموالهم و مستقبل أبنائهم من أجل تحرر حقيقي. و لكن من وصل إلى حكم الجزائر لم يكن ،أغلبهم، من المجاهدين و لكن من تحكموا نسجوا خرافة ” المليون و نصف شهيد ” مكنتهم ، بمساعدة ابواق جمال عبد الناصر، من التحكم في شعب منذ عقود. و لا زال إبن الجزائر الغنية بمواردها يرزح تحت نير الفقر و الحرمان و التعود على طوابير من أجل ضمان سميد و حليب و قارورة غاز و كميات متواضعة من فواكه و سمك و لحوم. و كان ألله في عون طبقة وسطى أنهكها ظلم صغار ضباط فرنسا الذين يعرفون بلقب ” الكابرانات”. و هم من يصنعون الحاضر البئيس لهذه البلاد .
لا يمكن لعاقل أن ينكر أن عقلاء الجزائر بلغوا مراتب عليا في مجالات عدة. كما لا يمكن لأي مؤرخ متمكن أن لا يشهد على أن مناضلي الجزائر الأحرار و الحقيقيين سقطوا، ليس برصاص فرنسا، و لكن بغدر من نصبوا أنفسهم اوصياء على بلاد استعمرتها فرنسا منذ 1830 . و يقال أنها استلمتها من الباب الذي كان يسمى بالعالي نسبة إلى ضخامة الإمبراطورية العثمانية. يعرف مؤرخو الجزائر كل أسرار تاريخ دولتهم و كيف صنعت فرنسا خارطتها بعنف و رغبة في التواجد إلى الأبد في شمال أفريقيا. و لكن عنف صناعة الجغرافيا لا يصمد أمام صلابة التاريخ. قررت فرنسا أن تسرق أراضي مالي و النيجر و ليبيا و تونس و المغرب لتضمها لولاية الجزائر التي لم تكن سوى نقطة في خارطة العثمانيين. و على كل من يشك في الصنع الفرنسي للجزائر أن يحتكم إلى الوثائق التركية و الفرنسية. أما خطاب عنترة داخل قصر المرادية فلا يشكل سوى شطحة هيستيرية تتفكك بسهولة قراءة مسبباتها النفسية و السياساوية و العسكراتية.
لقد جرى ما جرى بفعل فاعل ليقلب الطاولة على من ” عقدوا العزم أن تحيا الجزائر..” فشهد أبناء و أحفاد الشهداء على أن أبناء فرنسا و المتخلفون عن النضال هم من مسكوا بالزمام إلى غاية اليوم. قتل ذلك الكرغولي الذي تربى في أحضان الإستعمار، ومن كان خديما له ، في قلب كتائب الأحرار، من سكن الاوراس و لم يعبث بأموال الأسر الجزائرية و المغربية و التونسية و المصرية. قتل كابرانات فرنسا كبار قادة التحرير و قدموا أنفسهم كأوصياء على البلاد إلى الأبد.
سرقوا و سرقوا و باعوا ثم باعوا كل خيرات الجزائر و نكثوا العهود و خانوا الوعد و العهد، ولا زالوا يقمعون شعب الجزائر الذي كان يظن أن مناهضة الإستعمار ستمحو العار و تنفض الغبار و تمنح الأخيار حرية و كرامة و وقار. عرى الكرغولي على أصله و فصله و انتهك العهود و عبث بأرواح الشهداء و سطا على الأعراض و الأموال و أفقر الأجيال. كانوا يكذبون في منتديات تضم الدول، و يشترون المواقف و التصويت و تمويل الإرهاب و ينسون بناء مؤسسات النماء و التقدم. و أستمر الأمر في بعثرة أموال الغاز و البترول في صفقات أسلحة قديمة تتبعها رشوة سمينة بالدولار و الروبل. و حين يرتفع صوت ينادي بالعدل و يقول أنه “غير راض” ، تنفجر آليات قمع الجزائريين لتؤكد أن غياب الحرية واقع مطلق و أن السبب خارجي و العدو خارجي و أن ضياع الملايير من الدولارات سببه جار إسمه المملكة المغربية. و هكذا أصبح المشهد السياسي الجزائري قريبا إلى فرجة مسرحية أبطالها واعون بأهمية خلق العدو الخارجي لقمع شعب يريد أرزا و زيتا و شيء من الخضر و الفواكه و ما تيسر من سمك و فراخ و لحوم غنم و بقر. بلد الغاز يسجل أكبر طابور للحصول على قارورة غاز. و لكن الأمل في احداث الثروات بالخطاب التبوني المباح سيعطل القضاء على شهرزاد.
شهد الكثير من الجزائريين ممن تربوا في كنف الأسرة المغربية و كرمها، و عاشوا تجربة التربية على المواطنة في شرق المغرب، أن مدن طنجة و وجدة و بركان و تاوريرت و جرادة و فكيك كانت تلفهم برعايتها و تتقاسم معهم ما تيسر من الأرزاق قبل 1962 و بعدها. و لكن ناكر الإحسان و التضامن و ناقض العهد تسلل إلى بعض القيادات الجزائرية، و تمخض عن هذا النكران و التنكر كائن غريب تعود جدوره إلى العدم منذ قيام الدولة العثمانية و ما تلاها من تلاقح و ضياع للقيم و الأخلاق. قال الملك الراحل محمد الخامس، الذي رفض عرض فرنسا في مجال الإتفاق على الحدود قبل حصول الجزائر على الاستقلال، أن محاوريه ،ممن كان يعتبرهم أبناءه، مثل ذلك القفل ” المخزز” الذي يصعب فتحه. و هكذا تم رد الجميل إلى بلاد تحملت أخطاء عبد القادر المسمى، بالأمير و أخطاء، المغربي الأصل ، بن بلة و اؤلئك الذين عاشوا في كنف العائلات المغربية و تنكروا لما قدم من أجلهم من تضحيات.
ظهر جليا أن الخيانة طابع يظل ظاهرا و ثابثا على جبهة و قلب الخائن. تم قتل و اغتيال الكثير من قيادات التحرير على أيدي الخونة الذين ترعرعوا في الجيش الفرنسي. لائحة الشهداء الذين قتلهم كابرانات فرنسا على مدى الزمن كبيرة. كان آخر المغتالين مقاوم غيور و نظيف إسمه بوضياف. تفننت قيادة الفساد في اصطياده كأخر حامل لشرعية تاريخ المقاومة. قال من يسمونه ” رب الدزاير” المجرم توفيق أن الوقت قد حان للقضاء على الجزائريين الأحرار. وافقه كبار ” الجينيرات أصحاب الملايير” نزار و بلخير و العماري و غيرهم على خطة أدت إلى عشر سنوات من التقتيل و الاغتيالات. و وصل بوتفليقة لإطفاء النيران، حسب شعاره الانتخابي، فصنع دولة الكابرانات من جديد. أتوا به لشغل بعقدة لسنوات، فتحول بوتفليقة إلى صنم في رئاسة الجزاءر و أعاد خلط الأوراق. ظن البعض أن الكابرانات قد غابوا، لكنهم عادوا. ظهر القايد صالح، صال و جال و إنتهى بفعل فاعل. رجع توفيق و في يده شنقريحة. و قال المسيطرون الجدد أن الوقت حان لوضع رئيس للجمهورية يكون طوع يدهم. فألحوا في صنع من أصبح يتقن صنع الفرجة السياسة بكثير من التوفيق و بمباركة ” توفيق” و حضر تبون فقيل له تكلم و لا تمتنع عن الكلام غير المباح حتى و لو أشرقت الشمس و توارت تباشير الصباح. كان يستجيب لكل ما يطلب منه خلال سهرات في مساكن الجينيرات بالمرادية.
تدحرجت شيم القيادات حتى بلغت الحضيض، و تفانى تبون في فضحهم بخرجات إعلامية تجاوزت كل مراتب زلات اللسان و سحقت مراتب الرياسة من حكمة و ميزان. قال أنه زعيم قوة ضاربة لا تقاوم، و قام بتحلية مياه كل شاطئ المتوسط بأكثر نن مليار متر مكعب يوميا، و انتج كل السلع الغذائية لتذويب عنف الطوابير، ثم بكى حين أكتشف أنه كان يسبح في سراب. داهمته عزلة دبلوماسية، و اثقلته صراحة أفريقية، و عرت عنتريته مواقف أوروبية و أمريكية. عرت كلماته النابية عن كتاب و ادباء جزائريين اتهمهم بالخيانة فوقع في شر فعل الكلام على مسرح الواقع. و بلغ به غياب في غياهب جب الكذب إلى حد اعتبار بلاده مصدرة للملايير خارج النفط و الغاز. و افتضح الأمر بالأرقام ليتضح أن أهم الصادرات، من غير المواد الطاقية ، تهم الثمر بقيمة لا تتعدى… و الخروب بقيمة ضعيفة بلغت ….
و رغم الفشل الذي اجتاح كل قطاعات الإقتصاد الجزائري و حطم كل الأرقام حتى بلغ أشده و أصبح ينتشر كالكوفيد في ربيع 2020 ، ظل الوفاء للكذب على الشعب سلاح الفاشلين من المرادية إلى مركز عنتر ،حيث يعبث الجلادون بكافة حقوق الإنسان الأساسية، و كافة جحور صنع خطاب الفشل مسترسلا. تكسرت اذرع و وسائل الدبلوماسية و خاب ” ظن العسكر” في أداء السفراء و المحافظين و صحافيي الأجهزة الرسمية حتى وصل الأمر إلى منع النقل المباشر لخطاب لتبون أمام البرلمان. و انتبهت بعض عيون الكابرانات، بعد إذاعة الخطاب، إلى تجاوز تبون لأوامر السلطات العليا ليتم حذف ما جادت به ” شن قريحته” في سب الكاتب بوعلام صلصال المعتقل السياسي و استخدام عبارات منحطة من طرف رئيس جمهورية في حقه. و نفس الأمر و الهجوم تعرض له الفائز بجائزة الكونكور الفرنسية لسنة 2024 كمال داوود. و زاد السعار بعد انتباه العسكر لتنسيق مغربي إماراتي موريتاني . و هكذا انساب دفاقا مسلسل سحب السفراء من دول كثيرة. “اللهم أكثر حسادنا ” و متعهم بمزايا الكسل و البله و عمق حقدهم على من لا يعاديهم .