محمد نجيب كومينة
ما الجدوى من رفع الدعم اكثر من مرة لفائدة وسائل النقل؟
الفائدة يحسبها بميزان الارباح مستوردو ومزعو المحروقات الذين توسعت هوامشهم و لم تتراجع ارقام اعمالهم بالشكل الذي يقلص تلك الارباح، بل و تلقوا الدعم من طرف الحكومة، التي يتصدرها ممثلهم، حين رفضت فرض ضريبة على الارباح الاستثنائية والمفرطة التي حققوها بانتهازية على حساب الاقتصاد والمستهلك، مع العلم ان هذه الارباح المفرطة ليست طارئة و تتراكم مند ان تقرر تحرير اسعار المحروقات بشكل عشوائي، وان مجلس المنافسة قد شلت قدرته على الحسم في امر التحايل على المنافسة من طرف اوليغارشية نافذة، ضمنها اجانب يجدون من يمثلهم في مؤسسات مفروض انها مؤسسات لممارسة السيادة الوطنية.
التضخم المهول يؤكد ان ذلك الدعم ذهب الى الجيوب، و استفادت من جزء منه محطات توزيع البنزين، ولم يصل الى هدفه، ويؤكد ان القرار كان عبثيا، و احتمالا مصلحيا وانانيا وانتهازيا و لفائدة عدد من الانتهازيين، و يعكس تفكيرا متخلفا يحسب على الاوراق او الشاشات ولا يهتم بالتبعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ولا حتى الاخلاقية، هذا بينما كانت امام القرار امكانية مراجعة الضريبة على الاستهلاك تخفيضا او توقيفا للاستيفاء بشكل مؤقت بنتائج احسن على الاقتصاد والمستهلك. و من يركز على انخفاض لمداخيل هذه الضريبية، المنتمية بطبيعتها للضرائب النوعية التي تخرج من منطق النظام الضريبي المعتمد مند وضع القانون الاطار للاصلاح الضريبي في ثمانينات القرن الماضي، فانه قصير وقاصر النظر، لان المداخيل الضريبية والتوازنات المالية لاتهم في حد ذاتها، وانما تكمن اهميتها في علاقة مع الاقتصاد والمجتمع، والمجتمع لا يمكن اختزاله في لوبيات ضاغطة على القرار ومنشغلة بمصالحها الانانية دون اعتبار للتوازنات التي تضمن الاستقرار و تخفف من فقر الفقراء و تحول دون وصول بعض فئات المجتمع الى الحالة التي توجد عليها اليوم ولا تهدد الاقتصاد بالانكماش نتيجة الضغط الشديد على استهلاك الاسر، الذي يظل المحرك الرئيسي للنمو بالمغرب.
قصر النظر الذي يميز القرار اليوم خطير، لانه يؤكد ان المسؤولين الحكوميين اليوم فاقدين للمؤهل السياسي، والمسؤولية الحكومية تكون سياسية او لا تكون، الذي يجعلهم ينظرون الى قضايا البلاد في ترابطها نظرة مسؤولة تستحضر النتائج المحتملة على كافة الاصعدة والمستويات وتتجنب التوريط في كل ما يشكل خطرا على الوضع العام و تتعالى على لوبيات المصالح الخاصة وتخضعها لخط سير عام وطني غير منحرف ولا منجرف.