آخر الأخبار

ما قبل.. وما بعد.. ” الجائحة “

أكيد أن ما بعد جائحة كوفيد 19لن يكون كما قبلها كوليس المقصود بذلك أن ساعة التغيير في السياسات العامة وفي الوعي والتمثلات قد أزفت كما توهمنا بذلك العديد من الافتراضات الهشة وبعض الاستنتاجات اليقينية المتسرعة . ما ينبغي ان يتغير أولا هو الخطابا ت المزيفة للواقع ،و تلك المبالغة في تضخيم مكتسباته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية إذ كشفت الجائحة عن هشاشة على جميع هذه المستويات ، و عن حجم الخصاص الذي تعاني منه معظم الطبقات الشعبية خاصة في مجال الرعاية الصحية والحماية الاجتماعية والعدالة التربوية …

ولاشك في أن مهمة لجنة إعداد النموذج التنموي ، وهي تواصل عملية التشخيص والإنصات والتفكير الجماعي لاستشراف آفاق تجاوز المعضلات المغرب الراهن، ستتأثر كثيرا بصدمة كوفيد 19 ودروسها القوية ومن بينها الفشل الذريع للنهج الاقتصادي النيوليبرالي المنفلت من أية رقابة وضوابط ، ومحدودية ما أنجز في ظله مقارنة مع ماهو مطلوب للحد من الفوارق الاجتماعية الصارخة التي من بين مصادرها اقتصاد الريع وتسرطن الفساد الذي أصبحت له اليد الطولى في المجالين الاقتصادي والسياسي ..
أن معطيات واقع ما بعد كورونا ستكون امتدادا أسوأ اقتصاديا واجتماعيا لما قبلها، مع وعي أكثر حدة وشمول بخطورتها اذا لم يتم التصدي بإرادة سياسية حازمة وشفافة ، واختيارات إصلاحية شمولية..وهاهنا يصبح مدخل أي نموذج تنموي جديد ،ومخرجاته سياسية بالدرجة الأولى.

في التاريخ الإنساني ” القطيعة” بين ما قبل وما بعد يصنعها البشر لا الجائحات مهما كان أثرها على نمط حياتهم وعلى وعيهم و تمثلاتهم .. واذا كانت جائحة كوفيد 19 قد أعادت التأكيد على مشروعية ما قبلها، من اختيارات ومطالب اجتماعية واقتصادية وسياسية لها تاريخ من نضال وتضحيات القوى الديمقراطية التقدمية، فإن ما بعدها لايبرر اي تلكؤ أو ممانعة في تفعيلها .. فبدون التحلي بإرادة سياسية عليا وعامة وتعاقدية سيتم تضييع افق ممكن اليوم ، أكثر من أي وقت سابق لبناء مغرب التنمية والمواطنة والعدالة الاجتماعية..

جليل طليمات / الرباط