محمد نجيب كومينة
كانت مبادرة الشقيقة ليبيا، مشكورة، بالتنازل لفائدة المغرب عن ترشحها لعضوية مجلس الامن والسلم الافريقي صدمة اولى، وجاء تصويت ثلثي الدول الاعضاء بالاتحاد الافريقي لفائدة بقاء المغرب عضوا بهذه المؤسسة الاساسية في المنظمة القارية ليشكل صدمة كبرى. نظام الجنيرالات الماسك بخناق الشعب الجزائري الشقيق يجني فشلا اخر، بعد فشلات متتالية في المدة الاخيرة، لان الجميع بات واعيا، بما في ذلك داعميه الذين يورطهم باستمرار في الفشل، ان سلوكه الاخرق تجاه المغرب وكل القضايا التي يساوره وهم (العظمة مامنوش) انه قادر على التدخل فيها، او كما نقول بالدارجة: يدخلها بصباطهم، فيجد نفسه في كل مرة يتورط و تكون النتائج عكسية.
في مجلس الامن والسلم الافريقي كان نظام جنيرالات الجزائر، صحبة جنوب افريقيا، كل القرارات المعادية للمغرب ووحدته الترابية عندما كان المغرب خارج الاتحاد الافريقي، لانه كان مسيطرا على هذا المجلس وقادرا على ممارسة كل الضغوط على اعضائه عندما لا تنفع الرشوة،وحتى على موظفي المجلس الذين كانوا يرون ان اجورهم وتعويضاتهم الضخمة رهينة بمساهمات الجزائر وجنوب افريقيا، و في هذا المجلس اكتسب وزير الخارجية الجزائري لعمامرة صفة الديبلوماسي المحنك التي يطلقها عليه البعض، بعدما ورث مقعده من الرئيس الجنوب افريقي الاسبق تامبو مبيكي، الذي وجد له خلفه مكانا بعد اسقاطه بتهمة الفساد، وهو المقعد الذي سلمه العمامرة بعد ذلك للزوجة السابقة للرئيس السابق لجنوب افريقيا زوما، المسجون حاليا بتهمة الفساد، التي سلمته بعد ذلك للجزائري الشركي الذي انتهت ولايته مؤخرا.
عودة المغرب الى الاتحاد الافريقي خلقت توازنات جديدة، والسلوك الاخرق لنظام الجنيرالات في هذا الاتحاد وفي القارة السمراء، بالاضافة الى كل الاشارات السلبية التي يبعث بها الوضع الداخلي الجزائري والسلوك العدائي المتطرف تجاه المغرب وباقي الجيران وامور اخرى، كانت مساعدة لتوسع الدعم الافريقي المغرب للمغرب، خصوصا وان المغرب تبنى سياسة افريقية تبدو للجميع واضحة المعالم و محترمة للجميع، بما في ذلك البلدان التي تستمر في تبني مواقف غير مقبولة من طرفه لهذا السبب او ذاك، وغير خاف ان جنوب افريقيا لا تتخذ مواقفها اليوم من منطلق تحالفها مع نظام الجنيرالات بالجزائر او من منطلق ايديولوجي، بل وايضا من منطلق حسابات جيو سياسية واقتصادية تجعلها ترى في بلدان شمال افريقيا عموما، والمغرب ومصر خصوصا، بالاضافة الى نجيريا، منافسين حاليين ومحتملين في قارة تتجه انظار العالم الى ثرواتها الكامنة او الظاهرة و تتنافس القوى العظمى والصاعدة على نيل حصتها منها او الاحتفاظ بالحصص المكتسبة، والى الان، وعلى عكس مايروج، فان بريطانيا وفرنسا هما اللتان تحوزان اكبر الحصص، و رغم دخول الصين على الخط واثارة ذلك لضجيج اعلامي مخدوم، فان حصتها ماتزال ضعيفة و لا شئ يشير الى انها مستعجلة للرفع منها نظرا لتخوفها من حالات عدم الاستقرار من جهة وعدم توفرها على الخبرات الكافية للتعامل ليس فقط مع الوضعيات الافريقية والثقافات الافريقية، بل وايضا للتعامل مع القوى الاستعمارية السابقة ذات الخبرات المتراكمة والشبكات الراسخة في قارة تبحث عن الانعتاق بصعوبة، ومن الصعب على الصين ان تربط نفسها بتحالف مع روسيا في افريقيا، لان الروس يمكن ان يجروها الى دائرة ضيقة، والى نزاعات لا تخدمها و يمنكن ان تفسد كل شئ.