مالكة العاصمي
لم يكن المغاربة جميعا على قلب رجل واحد غداة الاستقلال، بعضهم كان مستمتعا بكرم المغرب وعطاءاته الثرة المتعددة الفلاحية الصناعية التجارية الاجتماعية والخدمات المختلفة التي يقدمها له المغاربة والمكانة التي يتمتع بها في المجتمع أو السلطة التي تيسر له الحياة والتوسع وأنواع الاستثمار والاستمتاع. والبعض الآخر كان يستفيد من حمايات خارجية أو داخلية ويعيش في أكنافها هنيئا مريئا، والبعض الآخر كانت تقضى مصالحه بطريقة أو بأخرى بعيدا عن المنغصات أو بما يتيسر له من ممكنات.
في مراكش كان البعض كثيرا ما يترحم على الكلاوي عندما يجد نفسه أمام شبكة من المساطر بين مراكز الشرطة والمحاكم والإدارات وغيرها، أو يجد نفسه محروما من مكتسبات كان يتمتع بها. بعضهم رغم خسارته في الكلاوي وأمثاله من أعيان ذلك الزمان، ضاعف مكاسبه بأشكال كثيرة بالاستقلال.
لكن الأهم من ذلك تلك الجهات التي اعتبرت نضال المغاربة من أجل الاستقلال جريمة أفسدت حياتهم، فظلوا يتمنون عودة فرنسا رمز الاستقرار والحضارة والتقدم، ومنهم من اعتبر نضال المغاربة ضد الظهير البربري جريمة تاريخية يجب أن يحاسبوا عليها لكونها حرمت البربر من التحرر من العرق العربي والإسلام الغازي وأجلت أمد استقلال وتقدم البربر ووحدتهم.
هذا الوعي العميق بالدور العظيم للاحتلال جاء متأخرا عند أحزابنا الوطنية، فلم تدركه مبكرا كما كان يجب، حيث كان ممكنا أن تجنب المغرب طوابير الشهداء والسجناء والأيتام والمقهورين لو تماهت مع الاحتلال. ولو فعلت لكان المغرب في صف الأمم المتقدمة حيث سيكون كل إقليم من أقاليمه ينعم بإمارات وأمراء وأميرات وملوك وملكيات ووزيرات ووزراء ورجال ونساء يتمتعون ويتمتعن بالسلطة والنفوذ، وهذا حرمان كبير .
لقد ضيعت أحزابنا الوطنية زمانا ومكانا ومكاسب وامتيازات على المغرب والمغاربة بما فعلته لتحقيق الاستقلال للمغرب.
الحمد لله أنها عادت مؤخرا إلى وعيها لتبشرنا بالاحتلال، بشرها الله بالخير وجازاها. والله أعلم إن كانت الجهات المتضررة تاريخيا ستسامحها أو تحاسبها على ما ضيعته على المغرب بالنضال من أجل الاستقلال.
شكرا لأحزابنا الوطنية المجيدة العتيدة على عودتها لجادة الصواب.
مبروك عليها وعلينا الاحتلال.