إدريس الأندلسي
كان هذا اليوم معبرا بكل المقاييس في العاصمة الرباط. جاء المغاربة من كل ربوع الوطن ليجسدوا تضامنهم مع الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت نظام عنصري إسمه الصهيونية منذ 75 سنة بمباركة أوروبية أمريكية و تواطؤ من بعض الأنظمة العربية. و ظل الوعي يسكن الشعوب و لم تستطع إسرائيل و حلفاؤها اضعاف الإرادة الفلسطينية و المسلمة على العموم. و لم تتمكن من محو الذاكرة و مواجهة البحث التاريخي و فشلت في انهاك القدرة على مواجهة الاحتلال الصهيوني.
حاول الصهاينة و المتصهينون الكذب على العالم و جندوا كل الوسائل للسيطرة على الاذاعات و القنوات التلفزية و الجرائد في أوروبا و أمريكا و حتى في بعض الدول العربية. و وصل سعارهم إلى حد محاربة كل مطالب بتحرير فلسطين و كل مثقف باحث عن الحقائق التاريخية. و أصبحت ” مراجعة التاريخ ” تهمة في فرنسا خلال ترؤس لوران فابيس و للحكومة في عهد الرئيس ميتيران. و الأمر طال كثيرا من الدول الغربية التي أرادت غسل ذمتها بعد أن أنتجت تربتها النازية و الفاشستية و تورطت في قتل اليهود و إرادة محوهم من الوجود. و لا يمكن نسيان دور الكنائس في الخضوع للمؤسسة النازية و السكوت عن جرائمها. وكان العقل الأوروبي انتهازيا و اهدوا أرض فلسطين لعصابات صهيونية فيما سمي بوعد بلفور الذي كتبت نسخته الأولى بالعبرية.
يوم الرباط اليوم هو تجديد للعرى الوثقى التي لا زالت تربط المغاربة بالقضية الفلسطينية و بكل القضايا العربية المتمثلة في مصر و العراق و سوريا و غيرها. يوم الرباط كان بهيجا ملتزما و معبرا عن نبض المغاربة من طنجة إلى لكويرة. و هذا لا يعني خلو بلادنا من أنصار للصهاينة و هم فاعلون رغم قلتهم و جبنهم و محاولة تلوين مواقفهم بشتى القيم ” الإنسانية “. يوم الرباط لا يمكن أن ينسينا في الأم الفلسطينية و الأم المغربية. نساء المغرب عبرن عن علو كعبهن في الحضور و المساندة للشعب الفلسطيني. المرأة المغربية أتت من مختلف الأقاليم بكل أشكال اللباس التقليدي و العصري و بوعي كبير بأهمية مساندة شعب يتعرض لهمجية عنصرية لا قيم لها و لا أهداف لها سوى التدمير و الحقد و معاداة الحياة الكريمة للشعوب.
يوم الرباط كان مليونيا رغم العمى الذي صاحب بعض أشباه الصحافيين الذين كذبوا و هم الذين لا قدرة لهم على التفريق بين مئة و ألف و بين المليون و الاف. و هكذا كان حال موقع 360 الذي علق على مسيرة المغاربة قبل بدايتها. ركز هؤلاء على أن المشاركات و المشاركين في أغلبهم من الاسلاميين و من اليسار. و هذه قراءة متخاذلة و ذات طابع منحط لالتزام مغربي يتجاوز التناقضات الثانوية بين مكونات المجتمع المدني و السياسي حين يتعلق الأمر بالقضايا المصيرية التي لها ارتباط كبير بالهوية المغربية. و هل ينطلي على المغاربة الأحرار سر تلك الحملات المغرضة التي حاولت قضيتنا الوطنية بالقضية الفلسطينية. و وصل الأمر بتزوير بعض المواقع و وصف زيارة إسماعيل هنية لموريتانيا بأنها زيارة لانفصاليي البوليساريو. و الهدف كان اضعاف مساندة المغاربة لإخوانهم الفلسطينيين و لكن السحر انقلب على الساحر و تأكد بالملموس أن من يقولوا ” أنهم اسراءلين” لا يمثلون الا أنفسهم و أن أصواتهم نشاز في ظل إجماع مغربي على عدالة القضية الفلسطينية . لن أقبل بأية قراءة ايدولوجية لمواقف المغاربة من فلسطين و لا يهمني أن يقف اليساري إلى جانب الإسلامي ،لأن الذي يهمني هو أن المغربي يقف إلى جانب المغربي في صف واحد ضد العنصرية الصهيونية و الصهيونية المسيحية.