آخر الأخبار

متى كانت هناك أجندة صحراوية مستقلة عن راعي غير صحراوي؟؟

لم تكن الساقية الحمراء ووادي الذهب يوما مركزا سياسيا لسلطة.

الاباء المؤسسون للقبائل الصحراوية المسجلة في الاحصاء الاسباني جلهم قدم الى الاقليم في القرن السابع عشر الميلادي. و كلهم قادمين من الشمال ( المغرب ). و لم تصبح القبائل الصحراوية قبائل بالمفهوم العددي الا مع مطلع القرن التاسع عشر.
لم يسجل تاريخ المنطقة ان قبيلة واحدة منها اجتمعت على رأي واحد الا في حالات حروب الثأر التي كانت تنشأ بين بعض القبائل. و احرى ان تجتمع قبيلتين او اكثر.
يذكر بعض المؤرخين ان قبيلة الرقيبات لما كثر عدد افرادها نهاية القرن الثامن عشر تشاور اعيانها على تأسيس نظام للفصل في المنازعات، او التعبئة للحرب في حالات التهديد، سموه : ايت اربعين نسبة لعدد افراده ال 40 الذين يمثلون كل عروش القبيلة. و عدا ذلك لم يسجل التاريخ اي نوع من النظام جامع لكل القبائل الصحراوية قبل الحقبة الاستعمارية.
لما دخل الاستعمار لمنطقة شمال افريقيا، كانت القبائل الصحراوية آخر من خضع سنة 1934 او ما سمي في المنطقة عام ملكى لحكامة اي العام الذي اتصلت فيه حدود الحكم الفرنسي و الحكم الاسباني. و تقسمت فيه الولاءات بين فرنسا و اسبانيا.
ابان الحقبة الاستعمارية شارك بعض سكان الصحراء في الجهاد ضد النصارى كل حسب موقعه الجغرافي، و لم يسجل التاريخ اي قيادة موحدة للجهاد ضد النصارى. و اكبر مشاركة لهم كانت تحت راية جيش التحرير المغربي في النصف الثاني من خمسينيات القرن الماضي.
استقلت بلدان جوار اقليم الساقية الحمراء ووادي الذهب: المغرب، موريتانيا ثم الجزائر، و تجنس سكان مناطقها الحدودية من ذوي الاصول الصحراوية الذين كانت تحكمهم فرنسا بجنسيات بلدانهم الجديدة، و انخرطوا في اجهزتها العسكرية و الادارية.
نهاية ستينيات القرن الماضي بدأ الوعي الوطني
ينتشر بين سكان الاقليم الذين ما زالوا يرزحون تحت نير الاستعمار فكانت حركة بصيري اول تجلي لهذا الوعي، واجهته السلطات الاسبانية بقمع مفرط لاعضاء الحركة، مقابل تأسيس نظام من السكان المحليين موال لها على شكل برلمان محلي من شيوخ القبائل القبائل الصحراوية و تأسيس حزب سياسي صحراوي ( الحزب الوطني الصحراوي ) تحضيرا لتاسيس حكومة محلية لادارة مقاطعة الصحراء الاسبانية و دمجها في النسيج الاداري الاسباني.
في نفس الفترة بدأ الوعي ينتشر في صفوف ابناء ذوي الاصول الصحراوية في كل من المغرب و موريتانيا و الجزائر قاده ابناء ضباط جيش التحرير المغربي الذين تم دمجهم في القواة الملكية المغربية بكل من طنطان و كلميم و طرفاية فأسسوا جبهة البوليساريو سنة 1973، و دخلوا في تصادم مع الادارة الاسبانية و عملائها كما سمتهم الجبهة من شيوخ القبائل الصحراوية و قيادات و اعضاء الحزب الوطني.
لم تفلح اللقاءات التي تمت بين قيادة الحزب و البوليساريو و لا بين البوليساريو و بين شيوخ القبائل في رأب الصدع و الاتفاق على مشروع وطني صحراوي موحد.
كانت جبهة البوليساريو المتسلحة بالدعم الجزائري و الليبي ترى ان الكفاح المسلح هو الحل الوحيد، بينما يرى الحزب و الشيوخ ان النضال السلمي و الدخول في مفاوضات مع الاسبان هو الحل الامثل.
في الوقت الذي كان فيه الصحراويون يتنازعون حول احقية كل طرف في قيادة المشروع الوطني الصحراوي و يتشبث كل طرف منهم بما يراه سبيلا للحل، كانت اسبانيا تنهي تفاهماتها مع المغرب و موريتانيا لتسليمهما ادارة الاقليم.
حصلت القطيعة النهائية بين المشروع الصحراوي المدعوم من اسبانيا بقيادة خطري الجماني رئيس جماعة شيوخ القبائل و بين المشروع الصحراوي الذي تدعمه الجزائر بقيادة الولي مصطفى السيد في 12اكتوبر1975 بعد اجتماعهم في عين بنتيلي الذي تحتفل به جبهة البوليساريو كيوم للوحدة الوطنية في الوقت الذي كان يوم القطيعة الوطنية، فقد التزمت البوليساريو انها ستدرس مقترح شيوخ القبائل، و لكنها نكثت بوعدها لما عاد قادتها الى الجزائر و عاد خطري الجماني و من معه من داعمي الحل السلمي مع اسبانيا الى الاقليم ليبايعوا المغرب الذي اثمرت مفاوضاته و ضغطه بالمسيرة الخضراء عن توقيعه مع الاسبان اتفاق مدريد في 14 نوفمبر 1975 تنسحب بموجبه اسبانيا من الاقليم.

مصطفى سلمة