لا زال الناس في مراكش يتغنون بهذا العيط في بعض أهازيجهم الشعبية إلى غاية يومنا هذا، ولهذا الأخير قصة ارتبطت بمقاوم أسطوري هو البطل الشهيد “موحا أوحمو الزياني”…
دخل الجيش الفرنسي إلى وجدة منذ 24 مارس 1907، وقصف مدينة الدار البيضاء قصفا مكثفا شديدا وقام فيها بإنزال بحري لقواته، وذلك خمس سنوات كاملة قبل توقيع معاهدة الحماية عام 1912…
اصطدم “موحا أوحمو الزياني” مبكرا بالفرنسيين بعد أن أرسل قواته لتنضم إلى قبائل الشاوية في مقاومتها منذ سنة 1908، ثم سارت الأمور في منحى أدى إلى توقيع معاهدة الحماية عام 1912 كما هو معلوم، فرفض موحا الاستسلام واستمر في الحرب إلى أن حدثت ملحمة معركة “الهري” يوم 13 نونبر 1914، والتي تكبدت فيها القوات الفرنسية هزيمة نكراء رغم أن موازين القوى كانت لصالحها؛ فقد خسرت 613 قتيل منهم 200 جندي و33 ضابط وجرح 6 ضباط و32 جندي و218 قتيل قي صفوف الجزائريين والتونسيين و37 قتيل من الڭوم المغاربة و 125 قتيل من السنغاليين، وكان قوام القوات المهاجمة 1187 جندي و 43 ضابط وهذا إحصاء رسمي جاء في التقرير الذي رفعه الجنرال Henrys لفائدة الجنرال ليوطي بعد المعركة مباشرة…
كان لهذه المعركة صدى هائل في المغرب وخارجه إذ أن الأخبار تناهت إلى أوروبا التي كانت الحرب العالمية الأولى قد بدأت فيها للتو قبل شهور معدودات في صيف 1914، مما أدى إلى تراجع الروح المعنوية للفرنسيين وبالتالي تكبدهم هزائم فادحة في المعارك التي خاضوها ضد الألمان والامبراطورية العثمانية في السنوات الأولى للحرب…
و كان من عادة أهل زمان في ملبسهم أن يتمنطقوا ب “مجدول” يلعب دور الحزام الذي يشد الملابس ويحكم وثاقها، وهي عادة وديدن سار على نهجه الرجال والنساء على حد سواء، وعند علية القوم وذوي الشأن الرفيع، كان المجدول حريريا أغلب الأحيان…
ولم يكن المجدول يحمل معنى دلاليا يشير إلى نوعية الملبس فحسب، بل كان يحمل إشارة ورمزية للشخص والإنسان الكفء الذي يعتمد عليه ويوثق ويشد به البنيان ويرجى فضله في الشدائد ويعزى إليه الأمر في الكربات، ومن هذه الأخيرة جاء معنى كلمة “العزاوي” في لهجة أهل حاضرة مراكش، ومن بطولات المقاوم الأسطوري “موحا أوحمو الزياني”، ما زال المراكشيون يستحضرون ذكراه في تراثهم الشفوي وثقافتهم الشعبية إذ ما زالوا إلى يوم الناس يتغنون ب ” مجدول الحرير فدار الزياني ”
مراد الناصري