دافع الوزير المنتدب المكلف بالاستثمار والاتقائية وتقييم السياسات العمومية، محسن الجزولي، عن رؤية الحكومة لتحفيز الاستثمار وتحسين مناخ الأعمال، معتبرا أن الميثاق الجديد للاستثمار شمل “أنظمة غير مسبوقة للدعم” و”التزامات واضحة لتعزيز ثقة المستثمرين في مناخ الأعمال” بالإضافة إلى “حكامة مبتكرة للاستثمار”.
وبخصوص تشجيع الاستثمار في الأقاليم والعمالات الأقل حظا من حيث التنمية، اعتبر المسؤول الحكومي، في معرض حديثه بمجلس المستشارين، اليوم الثلاثاء، أن “تقليص الفوارق المجالية من حيث جلب الاستثمارات، من الأهداف الأساسية للميثاق الجديد للاستثمار” مشيرا أنه من أهم المستجدات التي جاء بها هذا الميثاق لتعزيز استفادة المجالات الترابية من الفرص الاستثمارية هي “المنحة الترابية التي يضعها نظام الدعم الأساسي، للحد من الفوارق بين أقاليم وعمالات المملكة من حيث جاذبية الاستثمارات، والتي تشمل 80% من مجموع عمالات وأقاليم المملكة”.
وأشار المتحدث ذاته أنه سيتم “تحديد فئتين (أ) و (ب) من العمالات والأقاليم المؤهلة للدعم” مسجلا أنه “ستستفيد مشاريع الاستثمار في 36 إقليم وعمالة، مصنفة في الفئة “أ”، من 10% من المبلغ الإجمالي للاستثمار القابل للدعم، وفي 24 إقليم وعمالة، مصنفة في الفئة “ب”، من 15% من المبلغ الإجمالي للاستثمار القابل للدعم”.
وتابع الجزولي أنه إلى جانب هذه الإجراءات سيتم اعتماد “حكامة موحدة ولامركزية ستمكن لأول مرة من الإعداد والموافقة والتوقيع على اتفاقيات مشاريع استثمار، تصل إلى 250 مليون درهم من المبلغ الإجمالي للاستثمار على المستوى الجهوي”.
وفيما يتصل بإجراءات النهوض بالاستثمار الخاص، استعرض المسؤول الوزاري إجراءات تفعيل مضامين الميثاق الجديد للاستثمار من خلال “تفعيل نظام الدعم الأساسي، ونظام الدعم الخاص المطبق على مشاريع الاستثمار ذات الطابع الاستراتيجي، بالإضافة تحسين مناخ الأعمال، وتسهيل عملية الاستثمار، من خلال تنزيل خارطة الطريق 2026-2023، والتي تم إطلاق 70% من مبادراتها خلال سنة 2023، 44% منها تم إنجازها”.
وبلغة الأرقام، سجل الجازولي أنه “منذ دخول الميثاق الجديد حيز التنفيذ، والشروع في تفعيل مضامينه، عرف الاستثمار الخاص ببلادنا دينامية إيجابية” مؤكدا أن “اللجنة الوطنية للاستثمارات صادقت على مشاريع استثمارية، بمبلغ إجمالي يفوق 152 مليار درهم، ستمكن من خلق أكثر من 71.300 منصب شغل مباشر وغير مباشر”
وأشاد الوزير ذاته بالميثاق الجديد للاستثمار من خلال مقارنته مع أنظمة دعم الاستثمار السابقة، مؤكدا أن “الميثاق الجديد مكن من جذب مشاريع استثمارية أكثر عددا وأكثر مساهمة في إحداث مناصب الشغل”.
واستحضر ذات المسؤول دور المراكز الجهوية للاستثمار في النهوض بالاستثمار قائلا أنه “لمواصلة النهوض بالاستثمار على المستوى المحلي، تعمل الحكومة على تفعيل تصور جديد للمراكز الجهوية للاستثمار، بهدف جعلها فاعلا متميزا في تحفيز الاستثمار على المستوى الجهوي، والمواكبة الشاملة للمقاولات، والترويج للمؤهلات المهمة التي تزخر بها المجالات الترابية”.
ولتحقيق هذه الغايات، يضيف الجزولي أنه ستتم “دراسة التموقع الجديد لهذه المراكز الجهوية وتمكينها من إطار قانوني ملائم وتوفير الإمكانات اللازمة وتأهيل الموارد البشرية بالإضافة إلى تعزيز التنسيق بين المراكز الجهوية للاستثمار ومختلف الفاعلين على المستوى الجهوي من قطاعات حكومية ومؤسسات عمومية وأيضا مجالس منتخبة”.
وعن علاقة إنعاش الاستثمار بتسريع الإقلاع الاقتصادي وخلق فرص الشغل، تحدث المسؤول الحكومي عن “تنزيل الحكومة لخطة عمل مندمجة تروم إصلاح شامل لسياسة الدولة في مجال الاستثمار، من خلال الميثاق الجديد للاستثمار”. لافتا إلى أنه “خلال نصف الولاية الحكومية، تمت المصادقة على 170 مشروع اتفاقية وملاحق اتفاقيات، بقيمة مالية إجمالية تجاوزت 220 مليار درهم، ستمكن من إحداث حوالي 115.000 منصب شغل”.
ورد الجزولي على ورود تراجع نسبة الاستثمار المباشر الخارجي بالمغرب ضمن الانتقادات الموجهة إلى وزارته من طرف النواب البرلمانيين أن وضعية الاستثمارات الأجنبية المباشرة، خلال الربع الأول من 2024، “تاريخية”.
واعتبر الوزير نفسه أنه “بالنسبة للتراجع المسجل خلال سنة 2023، فيشمل العالم ككل بنسبة 12%، والقارة الإفريقية بنسبة 44%” مستدركا أن هذا الاخفاض يعود إلى “توالي الأزمات العالمية وعلى رأسها تبعات جائحة كوفيد19 والحرب الأوكرانية، التي تسببت في ارتفاع أسعار مواد أولية وطاقية والضغوطات المتعلقة بالقروض، من قبيل ارتفاع سعر الفائدة واضطراب أسواق الرساميل الإضافة إلى ارتفاع مستوى التضخم”.
وتابع أن وضعية الاستثمارات الخارجية المباشرة في المغرب “تحسنت بشكل كبير مع بداية عام 2024″ لافتا إلى أنه بلغت عائدات الاستثمارات الأجنبية المباشرة 9.7 مليار درهم، بنهاية مارس 2024، مسجلة زيادة بنسبة 24% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023، ما يجعل الربع الأول من سنة 2024، الأفضل في التاريخ الاقتصادي للمملكة”.
وفي ما يتعلق بالإجراءات المتخذة لتبسيط وتحديد المساطر المرتبطة بالاستثمار، أكد الوزير المكلف بالاستثمار أنه خلال هذه الولاية الحكومية تم “الاعتماد على ميثاق جديد للاستثمار، يؤكد التزام الدولة بمواصلة تبسيط ورقمنة المساطر الإدارية المتعلقة بالاستثمار بالإضافة إلى تسريع تنفيذ القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، من خلال المصادقة على 4 مراسيم تطبيقية، بهدف تأطير آجال إصدار الوثائق اللازمة لتنفيذ المشاريع الاستثمارية”.
واستحضر المتحدث ذاته “تبسيط ورقمنة 22 مسطرة إدارية عبر المنصة الإلكترونية “CRI-invest”، والتي تتم دراستها على مستوى اللجان الجهوية الموحدة للاستثمار، ما مكن من تقليص عدد الوثائق المطلوبة من المستثمرين بنسبة 45%” مذكرا ب”المصادقة على المرسوم المتعلق بتحديد كيفيات وإجراءات إحداث المقاولات بطريقة إلكترونية ومواكبتها”.
ولدى جوابه على استفسار النواب حول استراتيجية الحكومة لضمان الالتقائية في تنزيل البرامج والمشاريع الحكومية، اعتبر الجازولي أن “تدَخُّل الوزارة يركز على تطوير الآليات والوسائل التي تساهم في تعزيز التقائية السياسات العمومية وتعزيز قدرات الموارد البشرية لمختلف القطاعات، لتشجيع اعتماد هذه الآليات والوسائل”.
ولبلوغ هذه الأهداف، أشار الوزير المكلف بالاستثمار والاتقائية وتقييم السياسات العمومية إلى أن “الوزارة عملت على إعداد إطار معياري للالتقائية، سيمكن من تحديد المراحل والمتطلبات التي يجب اتباعها لصياغة واعتماد السياسات العمومية، وأيضا المبادئ التوجيهية المشتركة، والمعايير التي يجب احترامها خلال كل مراحل تنفيذ السياسات العمومية لضمان نجاعتها”.
وتابع المسؤول ذاته أن “الوزارة في طور إنجاز هذا الإطار، باعتماد مقاربة تشاركية مع كل القطاعات، ستمكن من تثمين التجارب الوطنية، وتقوية آليات الفعل العمومي، وخاصة الآليات المرتبطة بتدبير الميزانية”.