شعر بالأجل المحتوم فكتب قصيدة ” لعظم كبر وما بقى فيا ما يجر “
من منا لا يطرب لسماع قصيدة “الكلام المرصع”، الخالدة، التي كتب كلماتها الراحل محمد شهرمان، حين تؤديها مجموعة جيل جيلالة الاسطورية، ونقرأ في أبياتها ” لكلام لمرصع فقد المداق الحرف البراق ضيع الحدة ياك الدل محاك يا سدي عفاك وكلمت عفاك ماتحيد شدة اه يابنادم يا بني ادام ديرليك لجام راك تايه تحلم كيف نصبر؟ونتيا زايد فلهيب نارك تحرق قلبي واش نو دنبي ؟ اه يا بنادم لكلام لمرصع فقد المداق الحرف البراق ضيع الحدة ياك الدل محاك يا سدي عفاك وكلمت عفاك ماتحيد شدة اه يا بنادم يا بني ادام راه مولاك حسيب نقص من التخريب سرك خبيه الى بغيتي تسلم اه يا بنادم حطوني فمكان يشبه القبر كله حزان لازم نصبر اه يا بنادم”.
شهرمان زجال أعطى للكلمة معناها النبيل، وآخر ما أبدعه قصيدة زجلية بعنوان “لعظم كبر وما بقى في ما يجر”، خلال تكريمه في فعاليات مهرجان الأغنية الغيوانية بمدينته المعشوقة مراكش، أغنية جميلة كتبها بمعية المبدع الكبير عبد العزيز الطاهري تحت عنوان “دارت بنا الدورة” التي حفظها جيل بأكمله.
كان المرحوم، الذي انطلقت مسيرته الإبداعية مع بداية الستينيات من خلال جمعية التربية والتخييم في مراكش، إذ تميز وقتها بحفظه للأناشيد وأدائه لمسرحيات الأطفال وبموهبته في كتابة الأغاني، فنانا بارعا في عدة مجالات من تأليف مسرحي وزجل، فشكل مع العديد من الكتاب والفنانين والمبدعين الآخرين معينا لا ينضب ينهل منه حملة مشعل الزجل المغربي.
كان يمتاز بالأنفة وعزة النفس، ومن بين الأقلام النادرة في المغرب، التي تتميز عن باقي الزجالين المغاربة، كان صادقا في المواضيع التي يتطرق إليها، كان شجاعا وجريئا في طرح القضايا التي تدافع عن المواطن المغربي والعربي.
لكن بوفاته عن سن يناهز 65 سنة، فقدت رائعة “لكلام لمرصع” المذاق تاركا وراءه إرثا فنيا وأدبيا كبيرا، عبارة عن العشرات من المسرحيات والقصائد الشعرية الخالدة التي ألفها في زمن ربيع الثقافة والفن الذي عاشه المغرب في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي.
قبل وفاته، بمنزله المتواضع بحي سيدي بنسليمان الجزولي بالمدينة العتيقة بمراكش، حرص منظمو المهرجان الغيواني بمراكش على أن يتم تكريم محمد شهرمان خلال دورته الثانية، كانوا يسابقون الزمن للاحتفاء بواحد من الوجوه الفنية البارزة في المدينة الحمراء، وعقب التكريم سوف يصاب شهرمان بوعكة صحية سيظل يعاني منها ومن آثارها إلى أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، ويوارى الثرى في مقبرة سيدي بلعباس بالمدينة العتيقة، بحضور عدد كبير من أهل الفن والإبداع، الذين جاؤوا من كل التجارب والألوان، لتوديع سلطان الزجل في المغرب. رحل واحد من ألمع الزجالين المغاربة، كتب قصائد تستمد روحها من جذور التربة المغربية، وكان بحق حسب كل من عاصره كاتبا وفنانا خبر كل أدواة الإبداع، وفي شهادة لأحد الفنانين، أن رحيل شهرمان نهاية أكيدة للكلام المرصع وللزجل الموزون والكلمة التي تنحت في النفوس، مخلفة أثرا حميدا ورهبة ممزوجة بالاطمئنان والفرح.