عبد الصادق النوراني
حينما قرر موزع بريدي بيع دراجته النارية وشراء جحش .
كانت قاعة الموزعين بالمكتب الرئيسي للبريد بمراكش مصلحة قائمة الذات ، لكنها كانت دائما تعطي الإنطباع بأنها فضاء شبه منعزل ومغلق تتسرب منه بين الفينة والأخرى حكايات ونوادر خالدة رصعت سجل تاريخ هذه المؤسسة الغراء بأحرف من زمرد .
من شروط ممارسة مهنة التوزيع والإستفادة من منحة البنزين هو ضرورة التوفر على دراجة نارية ، وقتها كان السواد الأعظم من الموزعين يفضلون التوزيع على الدراجة العادية لسبب أو لآخر في حين ثلة قليلة هي من تتوفر على دراجة نارية وبالتالي تستفيد من هذه المنحة .
في بداية سنة 2000 أن بدأت إدارة المؤسسة تسلم الدراجات النارية الوظيفية للموزعين عن دفعات في إطار سياسة تأهيل وإعادة هيكلة بريد المغرب .
كان أحد الزملاء المعروف بقشفاته وخفة دمه يتوفر على دراجة نارية سوداء من نوع بيجو 103 قديمة جدا ومهترئة ويوميا تصاب بأكثر من عطب داخل جولته ؛ وكان بالمناسبة يمارس الملاكمة ، قوي البنية طيب الخلق إنساني في معاملاته بشوش الوجه كثير الكلام ويفهم في كل شيء ، وغالبا ما إذا تكلم بصوت مرتفع يثير ضحك الزملاء حتى تسمع قهقهات ضحكهم في المصالح الأخرى ، وكان ينتظر تسلم دراجته النارية الجديدة على أحر من الجمر ليعفي نفسه من كثر مصاريف الدراجة المهترئة .
لكن من سوء حظه أنه إلى غاية الدفعة الأخيرة لم يدرج إسمه في قائمة المستفيدين من الدراجات النارية لخطأ إداري لم يكن يعلمه الشيء أجج غضبه حيث أخد عصا المكنسة الطويلة وصعد فوق طاولته وألقى خطبة بتراء وانفعالية أقسم خلالها بأغلض أيمانه أنه في اليوم الموالي سوف يشتري جحشا مجهزا ب (البردعة والشواري) ليمارس عليه مهنة التوزيع ، وأردف قائلا أن مصروف تبن وفصة الجحش أقل بكثير من مصروف دراجته النارية المهترئة.
حينها ضن الجميع أن الأمر مجرد انفعال عابر ، لكن المفاجئة كانت حينما تغيب زميلنا في اليوم الموالي ، حيث أعلنت حالة الطوارئ بقاعة الموزعين وتم إيفاد لجنة من حكماء هذه القاعة للبحث عنه حيث وجدوه في سوق الأربعاء وهو يفاوض شخصا على شراء جحش منه إذ ذاك تدخل الزملاء وأثنوه عن الأمر في أفق التدخل لدى الإدارة لإصلاح الخطأ الشيء الذي تم بالفعل في غضون أسبوعين حيث بمجرد دخوله من عطلة استثنائية قصيرة تسلم دراجته النارية الجديدة .
فرحمك الله زميلي وصديقي العزيز واسكنك فسيح جناته.