أبناء الشيوخ والأولياء
هناك إلى جانب حلقات الوعظ والإرشاد الديني ، التي تقدم باللهجة المحلية وبالسوسية ، حلقات من نوع خاص تعتمد بيع التعاويذ من طرف أشخاص يزعمون أنهم أثرياء ، وأن جـدهم دفين الزاوية الفلانية ، أمـرهم بنقـل تـجـربتهم وبركـة جـدهم إلى النـاس المساكين . ويستعملون حيلا فريدة لأخذ الأموال ، وهم يدعون أنهم ليسوا في حاجة إلى المال . يبـدأ أصـدقاؤهم المتواطئون معهم بتسليم ابن الشيخ المزعوم أوراقا مالية ضخمة ، فيرجعها إليهم صـارخا : ” أنـا لسـت في حاجة إلى المال ، الشـيـخ تـرك لـي أمـوالا وعـقـارات لا تنقضي حتى لو حرقت …. ” ، وينخدع البسطاء ويبدأون في منحه الأوراق المالية ، ظنا أنه سيعيدها إليهم وبخدعة يرجع إليهم الورقة ، وبطردهم / يبعدهم من الحلقة صارخا : ” اذهب وتصـدق بهذا المال في زاوية سيدي بلعباس ” . وعنـدما يخرج صـاحبنا يتفقـد الـورقـة المالية ، فيجد بين يديه حجابا ، فلا يستطيع الرجوع إلى الشيخ ومطالبته بشيء ، لأن هناك ” فـتـوات ” مسـاعدي ابـن الشـيخ المزعـوم يمنعونه من العودة بالتهديد ، ومن هؤلاء ” الحلايقية ” من يبـدعون حكايـات عـن سـيدي عبـد القادر الجيلالي < = الجيلاتي > أو غيره من الأولياء ، الذي تطوى له الأرض ” طي الطريق ” ، ومهما تكن الحكاية بسيطة ، فإن ” حفيد ولي الله المزعـوم ” راوي الحلقة يمططها حتى تمتد إلى ساعتين ، بعد كل ربع ساعة .
تقريبـا يتوقـف لتسـلم الإتـاوة أو الأتعـاب . ثـم يستأنف من جديد وفي يديه منديل أبيض يمسح به فمه مـن الـرذاذ المتطاير . هـذه الحلقـات نهاريـة ، وصبحية تحديدا في أكثر الأحيان . وتقـوم بجانبها حلقات صغيرة جدا لأصحاب القفة ، كما يطلق عليهم الجمهور فہم يخرجـون الحمام والأرانــب مـن نـفـس القـفـة ويجعلونها تبكي وينخـدع الـزوار الـذيـن يـؤدون ثمـن ” البـاروك ” أو البركة من ابن الشيخ ، الذي استطاع أن يبكي القفة . وقد يبيعون التعاويذ التي كانت تنسخ في مطبعة موجودة في حي رياض الزيتون القريب من الساحة .