آخر الأخبار

مراكش الف حكاية و حكاية لعبد الله العلوي

                     التواشـا

هم أشخاص تفننوا في إبداع حكايات ترتبط بهم ، غالبـا لـم تقع أحداثها ، لكنهم آمنوا بها وتمتعوا بخيـال واسع مع ذاتية مفرطة من أجل رد الاعتبار لأنفسهم ، وإظهـار مـدى ماقاموا بـه خـلال عملهـم أو سـفرهم أو مشاركتهم السياسية أو الحزبية أو غيرهـا بـرغم تجاهـل المجتمع لهم . و ” التواشـا ” هو اللقب الذي أطلق عليهم في مدينة مراکش ، اقتباسـا مـن التويشية المعروفة في الموسيقى الأندلسية ، وهي النغمات التي تستهل بهـا فـرق الآلة الأندلسية عزفهـا قـبـل الدخول إلى القطعة أو القطع الأساسية مباشرة ، وقد تكون الليلة أو الأمسية أو السهرة كلها تؤشيات … وهناك من يرى أن لقب التواشا له علاقة بمفهوم الوشي في الحياكة والخياطة ، فالخياط التقليدي العقد والخيـوط والألوان في الجلباب أو غيره ، فكأنـه يـوشـي الثـوب ، لكـن الأرجح أن الاسـم جـاء مـن الموسيقى الأندلسية ، لأن التوشيات التي يرويها ” التواش ” أقرب إلى النغمات التي تتقدم القطعة الأساسية ، فهو  يقوم بحكي جميل وغير مؤذ ، يؤثث به الجلسات ولأمامي دون ضجر أو ملل . مجـرد وهناك نعـت أخـر اشتهر بمراكش لـ ” التواشـا ” ه ” التهانـد ” ، فالحكايات التي يرويهـا هـؤلاء عـن أنفسهم ” نهائذ ” ، ومرجعها الأفلام السينمائية الغربيـة والهنديــة التي ” تنتهي بكلمـة ” نهايــة ” بالإنجليزية THE IND ” فتقرأ عند الجمهور ” تهاند ” ، ويصبح كل ما شـوهـد في الفيلم مجـرد تهانـد ، وبالتالي فأصحاب الحكايات ” تهاندية ” يروون حكايات خيالية كما في أفلام الحب والمغامرات . وفي الدار البيضـاء ومدن أخـرى يلقبونهم ” بالقنابليـة ” نسبة إلى القنابل أو القنبلـة . وقـد يطلق عليهم لـقـب السلوقية بتعطيش القـاف « السلوكية » أي مسيرة مـن الأقوال اللامنطقية / المبالغة ، و ” التـواش ” لا يحكي لـك للوهلة الأولى ، بل يحتاج إلى مدة حتى يطمئن كي لا يتعرض للسخرية أو الهزء أو الضحك . وهـو عـادة يتمتع بخيال واسع لا منطقي أحيانا ، فقد تكون الحكاية في بدايتها متناقضة مع النهاية والأشخاص والأماكن . التواشا لا يحدثون أي شخص إلا بعد أن تربطهم به علاقة طيبة لمدة لابأس بها ، وبعد أن تشرع في الحديث عن شخص أو مكان ينطلق هو في الكلام ولا يتوقف مادام مطمئنا إليك مرجحا أنك لن تكذبه أو تعجزه . حاولت جمع بعض الحكايات التي كتبتها على مر الأسماء . وقـد السنين مـن أفـواه أصحابها مع تعديل في كتبت كل حكاية في وقتها حتى تجمع لي كم هائل منها ، واخترت بعضها دون بعضها الآخر لإعطاء صورة عن باقي الحكايات وقد اتضح أن هؤلاء التواشـا يـعـانـون مـن مـرض يصطلح عليه في علم النفس ” متلازمة البطولة ” ، فهذا الشخص يجـب أن يكون دائمـا تحـت الأضـواء …. نجـم الحفل والحفلات يبدع ويخترع حكايات يكون هو بطلها الأوحد ، لإثارة الاهتمام والسيطرة على مستمعيه . وقـد يلعـب التـداعي دورا ، فعندما تنقضي حكاياته التي قد يكون لها ارتباط ما بالواقع يحضر التداعي . وبالتالي يحضر الخيال وتحـضـر معـه البطولة والخـوارق والقدرات التي يتمنى أن تكون جزءا من حياته حتى يثير اهتمام من حوله وينال إعجابهم ، وكل ذلك عبر حكايات قد سمع عنها أو شاهدها في فيلم أو قرأ عنها أو تناهت إلى سمعه أو أبدعها من لا شيء .