إدريس الاندلسي
أخبرني كثير من الأصدقاء أن أعمال دورة فبراير 2025 لمجلس المدينة امتدت على ثلاثة أيام. تمثلت المفاجأة الجميلة في حضور ذات المناصب المتعددة ، و التي عبرت بصدق عن حنينها لحضور اجتماعات مجلس مدينة الصالحين و الأولياء السبع الذين تتميز بهم حاضرة مراكش الحمراء. تفاعل مع هذا الحضور كثير من الأعضاء بكثير من الإحترام و التوقير لسيدة تتحمل أعباء ثقيلة و مهمة في مغرب اليوم. لا يشك أحد في أن السيدة الرئيسة، الوزيرة و القيادية الحزبية ، تعشق مدينتها ذات التاريخ الموغل في القدم. و لا يشك، إلا من ظن أن العارف بالتاريخ و المزهو بثقافة ” غير ذات مصدر موثوق ” أن زينب النفزاوية ” أكثر عطاء لمراكش من نساء مراكش اليوم و الأمس، على مدى تاريخ عريق. و من الصعب أن نجنح للمقارنة مع وجود الفارق الكبير تاريخيا و حضاريا.
يفتخر الكثيرون من المغاربة بكون تدبير النساء للمؤسسات العمومية و الترابية و للمجالس، أحسن بكثير من تدبير الذكور. و يعتبر هذا التقدير موضوعيا ما دام يخضع لكل معايير افتحاص الأداء المالي و الإداري و مستوى تحقيق نسب عليا في مجال تنفيذ المشاريع التي تحدث نقلة نوعية للرفع من الخدمات العمومية. و للكلام قواعد حين نتكلم عن النتائج و تغيير الواقع في عاصمة المرابطين و الموحدين و نقطة الانطلاق، ما قبل الأخيرة، للمسيرة الخضراء المظفرة.
حاولت البحث عن معطيات حول إنجازات مجلس مدينة مراكش في كافة محركات البحث، فلم أجد أثرا. لجأت إلى صحافة المواقع الإخبارية، فبعث لي أحد اقربائي بمقال تحت عنوان ” بين الحصيلة و الحصلة” لأحد المواقع المعروفة في المدينة . حاولت قراءة مضمون المقال، الذي تمت صياغته من طرف صحافية متمكنة، فوجدت أنه اختفى ،ربما بفعل فاعل لأسباب اجهلها . يمكن محو مقال جيد، و لا يمكن محو حقيقة تدبير شؤون مدينة مراكش. هذه العاصمة الإمبراطورية أصبحت تصرخ و يصرخ أبنائها بسبب غياب إنجازات مهمة و خصوصا في مجال تدبير المرافق العمومية و البنيات الأساسية.
تراجعت آليات برمجة مشاريع تسهيل النقل و التنقل في مراكش بشكل كبير. قال البعض أن مراكش برمجت مسارات تحت أرضية كالرباط و طنجة لتسهيل حركة المرور. و نذكر أن هذه التجهيزات يتم تنفيذها في العاصمة في مدة لا تتعدى 40 يوما” . ماذا يجري بمراكش ، و من يعرقل مشاريعها المتعلقة بفك عقدة السير على الطرقات. ظهرت أرقام ميزانية مجلس المدينة حسب ما اتاحه الذكاء الاصطناعي الذي أحتفظ بفحوى المقال الذي تم حذفه. ظلت ميزانية التسيير ،حسب ما جاء فيه، هي المكون الأساسي بما يزيد على أكثر من 1،4 مليار درهم. و يعتبر هذا المكون هو الضاغط على كل ميزانيات الجماعات الترابية و هو الذي يؤثر على مديونية الجماعات الترابية. و لكن ميزانية الإستثمار أو التجهيز تظل هي نقطة ضعف البرمجة و تحقيق انتظارات الساكنة. و تظل اختلالات البرمجة هي العامل الأساسي في ظهور فائض كبير يتطلب برمجة جديدة و تصويت. وصل فائض مدينة مراكش إلى حوالي 35 مليار سنتيم.
لا زالت مراكش ترزح تحت وطأة سوء التدبير. توالى على تدبيرها، منذ سنين ، أناس لا علاقة لأغلبهم بالتدبير، و لا بالممارسة السياسية التي تتطلب الكثير من الإيمان بمستقبل الوطن. أصبح سؤال مستوى نتائج العمل الجماعي الترابي مشروعا و محوريا على مدى الوطن . مراكش تتراجع بالنسبة للمراكشيين، و لا زالت تنتظر حلولا لمشاكل النقل و التنقل، و لعلاقة خدمات الجماعة بالمواطن، و لعلاقة المناصب بالقدرة المهنية و الأخلاقية على الإنجاز. مراكش و ساكنتها و زوارها ينتظرون مشاريعا في مجالات النظافة، و التنقل، و البيئة . ماذا يمنع رئيسة مجلس عن المضي قدما في إعادة هيكلة كبرى للبنيات الأساسية، وهي قادرة على ذلك بفعل ثقل موقعها السياسي و الحكومي . اختنقت مراكش عقاريا و لا زالت تختنق مروريا منذ عقدين. . و ليس من العيب أن نذكر بعض ” القادة” بقاعدة أساسها إختيار الكفاءات التي تفوق كفاءة الرئيس و ليس تلك التي تكون أدنى من مستواه. و لا أظن أن السيدة الرئيسة قد تستاء من أداء فريق عمل أساسه الكفاءة و الإخلاص للصالح العام. و تقتضي المسؤولية تجاوز كل المعادلات الشخصية و العائلية و حتى الحزبية لخدمة مدينة كمراكش. قالت الصحافة أن عمدة المدينة قامت بتحية أعضاء المجلس بعبارات تكاد تحمل رسالة اعتذار. و أظن أن الأهم هو أن تقوم الأستاذة، الرئيسة، الوزيرة بزيارات دورية لأحياء مراكش و ملاقاة السكان ، الذين لا زالوا ينتظرون بعض الخدمات و شيئا من التواضع ، للاستماع إليهم. لا يريدون صدقة و لا شيئا من طعام، و لكنهم يريدون كثيرا من الحضور و الفعل.
و سيظل سؤالي حول إختفاء مقال جميل في مركز الإهتمام بحرية الرأي . حمل هذا المقال أسئلة حول حقيقة الإنجازات في مراكش. و لكن الخوف من التعليق الحر على أرقام ميزانية محلية أثر على قرار السباحة الحرة في الفضاء الأزرق بفعل فاعل. و الله أعلم.