اشتدت حرارة مدينة مراكش منذ بداية الأسبوع الجاري، مما أثر على الرواج الاقتصادي بالمدينة ، التي تنتفض مساء حيث يتوجه المراكشيون الى الفضاءات الخضراء لقضاء لحظات ممتعة، في الوقت الذي يضطرون الى البقاء بمنازلهم طيلة النهار باستثناء زوار المدينة خصوصا السياح الأوربيين الذين يتجولون داخل أسواق تنعدم بها الحركة .
ويذكر أن مدينة مراكش عرفت طقسا حارا، تؤتثه أشعة الشمس الحارقة، اضطر معها المراكشيون إلى الاعتكاف بالمنا بالمنازل نهارا أو الاحتماء بالأماكن الباردة بفضل المكيفات والمروحات الهوائية، قبل الخروج إلى المساحات الخضراء ليلا خصوصا سكان عمارات السكن الاقتصادي بأحياء المحاميد، أزلي، المسيرة بمقاطعة المنارة أو السعادة والشرف والازدهار بمقاطعة جيليز ، حيث شوهد العديدمن المراكشيين ممددين على العشب سواء ببعض المدارات أو المساحات الخضراء بشارع محمد السادس، بل منهم من فضل تناول وجبة العشاء على الهواء الطلق .
وتعرف هذه الفضاءات التي تضفي جمالية ورونقا على المدينة الحمراء، إقبال أعداد كبيرة من الأسر المراكشية، خاصة بعد أداء صلاة التراويج لأخذ قسط من الراحة بين أحضان الطبيعة والاستمتاع بنسمات الهواء العليل بعد قضاء يوم صيام تحت درجة حرارة مرتفعة تتحول معه شوارع والمساحات الخضراء والمقاهي والفضاءات العمومية إلى أماكن شبه مهجورة.
وأصبح اللجوء الى الفضاءات الخضراء، التي تتوفر في مجملها على كل المقومات التي يحتاجها المواطن كالإنارة والأمن، إحدى العادات التي دأبت عليها عدد من الأسر المراكشية خلال هذا الشهر الفضيل كفرصة للترويح عن النفس والاستجمام والالتقاء بالأصدقاء والأقارب في أجواء حميمية.
فعلى امتداد جنبات شارع محمد السادس المكسوة بالعشب الأخضر وبالفضاءات المجاورة لحدائق المنارة و” غابة الشباب ” والمساحة الخضراء المتواجدة بشارع علال الفاسي وباب دكالة بالإضافة إلى “واحة الحسن الثاني ” بحي سيدي يوسف بن علي، وعرصة الزنبوع بحي القصبة، وغيرها من الفضاءات، يتقاطر المراكشيون وزائرو المدينة الحمراء من مختلف الفئات العمرية للاسترخاء واستعادة حيوية ونشاط الجسم استعداد ليوم صيام موالي.
وتعد هذه الحدائق والساحات الخضراء أمكنة مناسبة لتبادل الآراء، حتى وقت متأخر جدا من الليل، حول مواضيع آنية أو حكي قصص ونكث وطرائف أو المشاركة في لعب الأوراق أو الشطرنج تتخللها فترات لاحتساء القهوة أو شرب كؤوس من الشاي أو تناول بعض المأكولات الخفيفة أو تلك المفضلة لدى الساكنة المحلية ك”الطنجية”.
كما تفضل مجموعات من الشباب اصطحاب الآلات الموسيقية للسمر وسط الطبيعة وتقاسم لحظات ممتعة ممزوجة بالغناء والرقص وأحيانا أداء أغاني محلية ذات طابع شعبي ك ” تقيتيقات”، وهو جزء من التقليد المتوارث لدى المراكشيين والذي يطلق عليه “نزاهة”.
ورغم أجواء الحرارة، تشهد مدينة مراكش عرفت المدينة توافد العديد من السياح الأجانب مرتدين ملابس قصيرة للاستمتاع بأشعة الشمس المفتقدة ببلدانهم الأصلية .
في حين تحولت العديد من النافورات بحي جيليز وشارع محمدالسادس إلى مسابح عمومية للهاربين من حرارة شمس مراكش الحارقة، والذين اضطروا إلى الإستحمام فيها بملابسهم لعدم تحملهم للحرارة المفرطة وقوة أشعة الشمس، في المقابل اضطرت مجموعة من طالبات كليات الأدب والحقوق إلى تلثيم وجوههن خوفا من أن تحترق بشرتهن بأشعة الشمس .
كما يلتحئ العديد من المراكشيين بعد انتهاء وقت العمل إلى الأسواق الممتازة، التي تنعم ببرودة المكيفات الهوائية، لقضاء فترات استجمام عابرة، عكس الأسواق البلدية التي هاجرها المراكشيون درءا لحرارتها المفرطة يزيدها شكل السقوف من الزنك استفحالا.
و دفع ارتفاع موجة الحرارة التي شهدتها مدينة مراكش خلال الأسبوع الجاري، العديد من المراكشيات والمراكشيون، إلى ابتكار أساليب طريفة لمقاومة الوضع، والبحث عن مبردات تقليدية، ففي الوقت الذي فضل الشبان والسواقي، والارتماء في أحضانها، لجأ البعض الآخر إلى الإستعانة بأكياس بلاستيكية، محملة بقطع الثلج، ووضعها على الرؤوس الساخنة.