في تصريح على إحدى القنوات الخاصة، أكد رياض مزور وزير الصناعة والتجارة، أن نحو 18 مضاربًا يتحكمون بشكل شبه كامل في سوق اللحوم الحمراء، ويواصلون تضخيم هوامش الربح على حساب المواطن المغربي. تصريحاته تكشف عن حقيقة أن الإجراءات التي تم اتخاذها، مثل فتح باب الاستيراد وإلغاء الرسوم الجمركية، لم تكن كافية أو فعّالة، بل قد تكون مجرد مسكنات لن تعالج أصل الأزمة.
ورغم محاولات الحكومة للظهور بمظهر المسؤول عن اتخاذ إجراءات لمواجهة هذا الجشع، يبقى السؤال الأهم: لماذا لا تُحاسب هؤلاء المضاربين؟ إذا كانت الحكومة قد حددت عددهم، فلماذا لا تكشف هويتهم وتعرضهم للمحاسبة؟ أليس هذا تقاعسًا صريحًا في مواجهة جريمة اقتصادية مكتملة الأركان؟ هذه الأسئلة تكشف عن فشل الإجراءات المتخذة، وعدم قدرتها على وضع حد للممارسات التي تثقل كاهل المواطن.
الوزير مزور أشار إلى أن هوامش الربح في قطاع اللحوم وصلت إلى 40 درهمًا للكيلو، بينما كان من المفترض أن لا تتجاوز 10 دراهم. ومع ذلك، استمر احتكار السوق من قبل قلة من التجار دون رادع. وبرغم محاولات الحكومة لفتح استيراد اللحوم، تبقى النتائج غير مرضية، بل هناك حصص مستوردة لم يتم استهلاكها بالشكل المطلوب. هذه المعطيات تُظهر بوضوح ضعف الرقابة والمحاسبة على السوق.
إضافة إلى ذلك، على الرغم من رفع الرسوم الجمركية وتقديم الإعفاءات الضريبية للمستوردين، يبقى السؤال: هل هذه الإجراءات مجرد حبر على ورق أم هي محاولة لإرضاء الشارع لفترة مؤقتة؟ الحكومة أقدمت على تخصيص حوالي 13 مليار درهم في شكل دعم مباشر لمستوردين اللحوم لتخفيف الأسعار في السوق. لكن هل حقًا حققت هذه الإعفاءات نتائج ملموسة؟ هل كانت فعّالة في مواجهة احتكار السوق أم أنها مجرد هدر مالي لم يحسن وضع المواطنين؟ حكومة تحاول بكل جهد إخفاء فشلها بتوجيه انتقادات الآخرين، بينما الحقيقة تبقى في مكانها: غياب الرقابة الحقيقية التي تكبح جماح المضاربين وتضع حداً لتلاعبهم.
وبينما تستمر الحكومة في إطلاق الوعود وتحاول إظهار نفسها بمظهر المنقذ، يظل المواطن المغربي يواجه ذات المعاناة: أسعار اللحوم المرتفعة التي لا تتوقف والتضخم الذي يلتهم ما تبقى من قوتهم، في ظل غياب أي خطوات حقيقية لمحاسبة المسؤولين عن هذا الوضع المأساوي.
وبعد ثلاث أشهر فقط من عيد الأضحى، هل سنعيد نفس الأخطاء التي وقعنا فيها الموسم الماضي؟ هل ستظل الفوضى مستمرة في الأسواق بينما لا نجد أي تدابير فعالة للمراقبة؟ الفجوة بين التصريحات الحكومية والممارسات الواقعية لا تزال تتسع، والمواطن المغربي يظل الضحية في انتظار إجراءات حقيقية تحفظ حقوقه.