فتح قاضي التحقيق المكلف بجرائم الاموال باستئنافية مراكش نافذة للإطلالة عن مجمل الظروف والملابسات المحيطة بتفويت عقار تابع لاراض سلالية يتموقع بمنطقة استراتيجية بمدينة قلعة السراغنة ،لفائدة احدى الشركات بتواطء مع رئيس الجماعة القروية ” اولاد بوعلي”.
القضية التي حبلت بالعديد من مظاهر السريالية، انتهت بالزوج برئيس الجماعة في اثون المتابعة القضائية واحالته على قاضي التحقيق من أجل ” التزوير في محرر عمومي والتصرف في أموال غير قابلة للتفويت” ، فيما يتابع صاحب الشركة من اجل” المشاركة في التزوير في محرر عمومي واستعمال وثيقة مزورة والتصرف في مال غير قابل للتفويت”.
اصل الحكاية انطلق بشكاية تقدم بها نشطاء الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب للوكيل العام باستئنافية مراكش، يضعونه من خلال مضامينها في صورة التلاعبات التي استهدفت حقوق اسرة متواضعة ، وتبين كيف تواطأت مختلف الجهات المسؤولة محليا للاستحواد على عقارها دون وجه حق، عبر اعتماد طرق ملتوية للهف العقار الذي دخل المجال الحضري لمدينة قلعة السراغنة، وأسال لعاب المضاربين العقاريين و الساهرين على تدبير الشأن المحلي، وبالتالي استعمال كل الصلاحيات المتاحة للإستيلاء على العقار وحرمان ذوي الحقوق الأصليين.
اسرة بسيطة تتكون من شقيقين يملكان على الشياع بمعية أخت لهما عقارا جماعيا يقع بدائرة الري يسمى أرض “البوكرينية”، مساحتها حوالي 11 هكتارا، مقتطعة من التحديد الإداري رقم (س.34)، وتتواجد بالنفوذ الترابي لبلدية قلعة السراغنة.
المالكون الثلاثة وبعد دخول العقار المومأ اليه المجال الحضري للمدينة ، تقدموا إلى عامل الإقليم بصفته المسؤول الأول بالمدينة، بطلب يرمي إلى عرض أرضهم على مؤسسة عمومية أو شبه عمومية من أجل إنجاز تجزئة سكنية.
المسؤول المذكور ولأسباب لا يعلمها سواه ، ارتأى إخراج كل المؤسسات العمومية والشبه العمومية من الأمر برمته ، وقام باحضار صاحب شركة عقارية خاصة ، ونزل بكل قوته من اجل إبرام عقد شراكة بين الشركة إياها و الاشقاء الثلاثة لإنجاز تجزئة سكنية مكونة من أزيد من 500 بقعة تجارية وسكنية، حيث ينص عقد الشراكة بتخصيص نسبة 28 في المائة كنصيب لفائدة المالكين و72 بالمائة لفائدة الشركة في شخص صاحبها وممثلها القانوني.
مباشرة بعدها ستأخذ القضية منحى سرياليا، وتدخل نفق التماطل من طرف الشركة ، قبل ان يفاجأ المالكون بدخول الجماعة القروية ” اولاد بوعلي الواد” التي تبعد عن مدينة قلعة السراغنة بحولي 40 كيلومتر على الخط ودون علم منهم ، وتقوم بنزع العقار تحت يافطة المصلحة العامة، وتعمد بعدها بيوم واحد بتفويته لفائدة (شركة المعاملات والخدمات والاستشارة الزرايدي) وهو بالمناسبة المقاول نفسه الذي. ابرم عقد الشراكة مع اصحاب العقار بتدخل من عامل الاقليم.
وحتى تمتد مساحة العبث والتواطء ، فان وثائق الملف تكشف بان مجلس بلدية قلعة السراغنة، سبق وأن صادق في دورته لشهر فبراير 2015، على مقرر يقضي باقتناء العقار المذكور من أجل منفعة عامة، غير أن هذا المقرر ظل مجرد حبر على ورق دون ان يجد طريقه للتفعيل ، الى ان دخلت على الخط الجماعة القروية ” اولاد علي الواد” برئيس الجماعة القروية “أولاد بوعلي الواد” ، وتقدمت في شخص رئيسها إلى عامل الإقليم بطلب لاقتناء العقار ، وعمدت بعدها الى تفويته للمقاولة المذكورة ، بما يعنيه الامر من انتفاء لاي مصلحة عامة في العملية برمتها ، ويميط اللثام عن حقيقة استعمال الجماعة كقنطرة للاستيلاء على العقار المتواجد بتراب بلدية قلعة السراغنة.
حقيقة ستبرز واضحة للعيان ، مع اعلان 11 عضوا من نفس الجماعة، (من أصل 15 عضوا المشكلة للمجلس القروي ) بان لا علم لهم باي مقررجماعي يؤكد مصادقة المجلس في إحدى دوراته العادية سنة 2016، على اقتناء العقار المذكور، وهو المقرر الذي تم اعتماده لإضفاء الشرعية على عملية الاقتناء والبيع معا، وبالتالي اتاحة الفرصة للمقاول كي يتقدم إلى المحافظ على الأملاك العقارية بقلعة السراغنة من أجل تحفيظ العقار باسم الشركة تحت اسم (كنزة)،والتنكر بعدها لذوي الحقوق الأصليين عبر اللجوء للقضاء ورفع دعوى بطلان عقد الشراكة الموقع بين الطرفين.
وبالرجوع إلى مقرر المجلس القروي لجماعة (أولاد بوعلي الواد) فإنه يؤكد على أن المجلس القروي عقد دورته العادية لشهر ماي 2016، بتاريخ 04 ماي 2016 ابتداء من الساعة العاشرة صباحا برئاسة ياسير حافيظ، رئيس الجماعة و بحضور ممثل السلطة المحلية السيد رشيد العفير، قائد قيادة أولاد بوعلي الواد، بالإضافة إلى 11 عضوا آخر، مع غياب ثلاثة أعضاء بعذر.
علما بأن جدول أعمال الدورة يشير الى عرض أربع نقط للمناقشة والمصادقة، وضمنها النقطة الثالثة المتعلقة بـ”طلب اقتناء عقار جماعي”.
وبحسب مقرر المجلس فقد جاء في مادته الأولى:” وافق مجلس جماعة أولاد علي الواد، على اقتناء قطعة أرضية مقتطعة من التحديد الإداري س34 مساحتها 100993 متر مربع، في ملك الجماعة السلالية أولاد بوكرين من أجل تفويتها لفائدة شركة المعاملات التجارية والخدمات، وذلك لإنجاز مشروع تجزئة سكنية (رياض الياسمين)”، وفي مادته الثانية:” ينجز هذا الاقتناء بالثمن الإجمالي الذي حدده المجلس في مبلغ 10.099.300.00 درهم، أي بثمن 100 درهم للمتر المربع استنادا على الثمن الذي حددته اللجنة الادارية للتقييم المجتمعة بتاريخ 23-02-2017″ برئاسة الكاتب العام لعمالة اقليم قلعة السراغنة. فيما تشير المادة الثالثة:” وافق مجلس جماعة اولاد بوعلي الواد كذلك على الإذن بالأداء مباشرة من شركة المعاملات والخدمات والاستشارات الزرايدي إلى الوصاية مع احترام القوانين والمساطر الجاري بها العمل”.
تزداد مساحة الاستفزاز في القضية مع قيام 11 عضوا من الجماعة القروية أولاد بوعلي الواد، بطعن في مقرر المجلس القروي السالف ذكره، مؤكدين أن المجلس لم يسبق ان صادق على عملية الاقتناء هذه، ولم يسبق أن تداول في شأنها لا في دوراته العادية أو الاستثنائية، وهو ما يعني -وفق ما ورد بشكاية الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الانسان بالمغرب-بان “رئاسة المجلس قد قامت بتزوير محضر الدورة العادية لشهر ماي 2016، المدلى به من بين الوثائق المطلوبة بملف الاقتناء، وكذلك محاضر الإذن بالأداء ومحضر التفويت” بحسب ما ورد في الطعن الذي تقدم به الطاعنون (11 عضوا) أمام وزير الداخلية، رئيس المجلس الجهوي للحسابات بمراكش، مدير الشؤون القروية بالرباط وعامل إقليم قلعة السراغنة بتاريخ 06 يوليوز 201إن المقرر المطعون فيه بالزور ، هو الذي تم اعتماده لتفويت العقار لفائدة الجماعة القروية أولاد بوعلي الواد، والتي فوتته بدورها لفائدة (شركة المعاملات والخدمات والاستشارة الزرايدي) دون مقابل، ما يجعل السؤال مشروعا حول ماهية “المنفعة العامة ” المتحصلةمن العملية برمتها ،خاصة وأن اقتناء العقار من طرف الجماعة تم بتاريخ 18 ماي 2017، وتم تفويته بدون مقابل للشركة الخاصة في اليوم الموالي اَي بتاريخ 19 ماي 2017 .
وكشفت شكاية الهيئة الحقوقية المحركة للدعوى القضائية ، ان صاحب الشركة المقتنية للعقار قد حصل على ترخيص مؤقت من رئيس بلدية قلعة السراغنة بتاريخ 26 ماي 2017 ،من أجل انجاز مشروع تجزئة رياض الياسمين ، بالرغم من أن الملف لا يستوفي جميع الشروط، وضمنها انتقال ملكية العقار لصاحب المشروع وعدم الاعتماد على محضر اجتماع أعضاء لجنة الدراسة التابع لعمالة قلعة السراغنة والذي انعقد بتاريخ 02/06/2017.
معطى يظهر بما لا يدع مجالا للشك – حسب الشكاية- بات تفويت العقار السالف ذكره بثمن رمزي لا يتعدى 100 درهم للمتر المربع، يكشف من جهة عن عملية مضاربة عقارية شارك فيها مجموعة من الأطراف، كما يكشف عن حجم التبديد في المال العام، بالنظر إلى أن جزء من متحصل عملية التفويت سيعود إلى خزينة الدولة، وبالنظر إلى أن قيمة المتر المربع بالمنطقة التي يوجد فيها العقار موضوع التفويت تتجاوز الثمن المحدد من لدن لجنة التقويم التي ترأسها الكاتب العام لعمالة إقليم قلعة السراغنة بعشرات المرات، بدليل أن صاحب المشروع شرع في بيع البقع الأرضية مقابل 3500 درهم للتمر المربع، وقد تمكن من بيع 70 بالمائة من مجموع البقع الأرضية السكنية والتجارية، علما أنه لم يتمكن من تحفيظ العقار باسمه لحد كتابة هذه السطور ،كما أنه لم يحصل على التراخيص التي تمكنه من انجاز عملية التجزيء والبيع .