َاعلن رئيس الحكومة عن اعداد قانون تعديلي لقانون المالية لسنة 2020 الجارية. يبدو ذلك تحصيل حاصل بالنظر الى ما ترتب عن جائحة كورونا وطنيا وعالميا وما سيترتب عليها ايضا في المستقبل القريب، خصوصا وان الميزانية تمثل، الى جانب السياسة النقذية، اهم الوسائل التي تلجا لها الدولة لتدبير كل الاثار المترتبة عن الجائحة على المدى القصيروالمتوسط والعمل ما امكن على التاثيرعلى الدورة الاقتصادية ومواجهة الحاجيات المجتمعية الناشئة عنها.
لكن الامر في تصوري ابعد ما يكون عن تحصيل حاصل، اذ ان تعديل قانون المالية شديد التعقيد وتواجهه اليوم اسئلة كبرى يصعب على اي كان الادعاء بانه قادر على الاتيان باجوبة ضافية ومقنعة عليها، وفي مقدمتها : ماهي الاثارالاقتصادية الحقيقية لجائحة كورونا المستمرة على الاقتصاد العالمي؟ وعلى الاقتصاد المغربي في علاقة معه؟ وماهي النتائج المترتبة عن الاختيارات التي اتخذها المغرب لتجنب حصدها للارواح وضغطها على نظام صحي في حالة اهتراء متقدمة؟ وهل يمكن الاكتفاء بتقييم تلك الاثار والنتائج في حدود الفترة المنصرمة ام يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار حالة الغموض واللايقين incertitude التي تجعل اي توقع ذي صدقية مستحيلا في المدى المنظور بالنسبة للجائحة في حد ذاتها او المتغيرات التي ستنجم عنها وعن تدبيرها، بما في ذلك على المستوى الطبي والدوائي؟
غياب اجوبة، او عناصر اجوبة، يعتد بها، اذ من شان استعمال النماذج المالوفة les modèles في غير محلهامن شانه ان يورط في متاهات وارتباك، يجعل عملية وضع فرضيات بديلة لتلك التي بني على اساسها قانون المالية لسنة 2020 ليس فقط صعبا، بل مستحيلا. فلا احد يمكنه مثلا ان يقدر بالتدقيق ماهي الاثار الحقيقية للجائحة على النمو العالمي وعلى شركاء المغرب الاساسيين وعلى القرارات الاسترتيجية للقوى الدولية الكبرى على الطلب الخارجي الموجه للمنتجات المغربية وعلى الاسعار الدولية وعلى العملات الاساسية او على استهلاك الاسر داخليا، وهذا الاخير محرك اساسي للنمو، او على المداخيل الضريبية التي تم منح امكانية تاخير تسويتها الى اواخر يونيو، مما يترتب عليه ان الصورة لن تتضح الا بعد ذلك التاريخ، اوعلى المداخيل غير الضريبية، او على القروض البنكية او غير ذلك، فالامر الواحد المتاكد منه هو ان اسعارالبترول ستظل في مستوى منخفض في ظل اختلال التوازن بين العرض والطلب والوفرة في العرض التي ستستمر لوقت غير قصير، ومعها احتمالا اسعار المواد الاولية والوسيطة عموما. وهذا ما من شانه ان يحدث اثرا ايجابيا وسلبيا في نفس الوقت على الميزان التجاري، ويمكن ان نضيف اليه تراجع السياحة والنقل الجوي والاستثمار الخارجي مما ستكون له اثار على الحساب الجاري لميزان الاداءات يصعب تحديدها هي ايضا بدقة.
ان ماسبق يؤكد ان الغموض واللايقين عاملان يحدان من القدرة على وضع فرضيات قابلة للتاكيد ولو على المدى القصير جدا، واي فرضيات مهزوزة يمكن ان تقود الى مشروع قانون مالية تعديلي مهزوز وقابل لان يصبح بدوره غير قابل للتطبيق بسرعة وفي حاجة الى تعديل، والدخول في هذه الدوامة خطير للغاية في مغربنا الذي لم يلجا للقانون التعديلي لقانون المالية الا لماما ويمكن ان يعتبره الفاعلون علامة ارتباك وتيه.
وهكذا، فان شروط تعديل قانون المالية فيما يبدو لي غير مجتمعة في الوقت الحالي، خصوصا وان هذا التعديل ان حصل سينصب على النفقات، مادام الوقت غير مناسب للاجراءات الضريبية، اذا استثتنينا ربما الضريبة على الاستهلاك على المواد البترولية، وكل تعديل للنفقات في اتجاه خفضها سيوحي اننا دخلنا مرحلة التقشف وسيجعل الفاعلين الاقتصاديين، والكثير منهم يعتمد على الصفقات العمومية، وعموم المواطنين ينظرون الى المستقبل بتشاؤم كبير، والحالة النفسية للجميع يمكن ان تقوي التشاؤم لاي سبب من الاسباب، وهذا ما يمكن ان تكون له تبعات ومضاعفات.
واعتبارا لكل ذلك، فان المدى القريب جدا يتطلب في تقديري الحرص على تدبير دقيق ومفتوح على المستقبل للسياسة الميزانية والسياسة النقذية، مع ما تتيحه هذه الاخيرة من مرونة، بالاعتماد على مسؤولية الوزراء كامرين بالصرف وايضا على حسن التدبير من طرف مديرية الميزانية ودور المحاسبين العموميين في الخزينة لتكون الاهداف ذات والطابع العاجل هي التي تحظى بالاولوية ويتم النجاعة المبدا الموجه. وربما يكون شهر غشت او شتنبر اكثر ملاءمة لوضع قانون تعديلي لقانون المالية لسنة 2020، اذا ما توضحت الصورة اكثر، وربما يكون هذا الوقت مناسبا لطرح افكار جديدة للمستقبل يمكن الاستناد اليها لاعداد مشروع قانون المالية للسنة المقبلة المفروض ان يندرج في اطار توجه جديد، اما الان فان تدبير المدى القصير هو الذي يفرض نفسه.َاعلن رئيس الحكومة عن اعداد قانون تعديلي لقانون المالية لسنة 2020 الجارية. يبدو ذلك تحصيل حاصل بالنظر الى ما ترتب عن جائحة كورونا وطنيا وعالميا وما سيترتب عليها ايضا في المستقبل القريب، خصوصا وان الميزانية تمثل، الى جانب السياسة النقذية، اهم الوسائل التي تلجا لها الدولة لتدبير كل الاثار المترتبة عن الجائحة على المدى القصيروالمتوسط والعمل ما امكن على التاثيرعلى الدورة الاقتصادية ومواجهة الحاجيات المجتمعية الناشئة عنها.
لكن الامر في تصوري ابعد ما يكون عن تحصيل حاصل، اذ ان تعديل قانون المالية شديد التعقيد وتواجهه اليوم اسئلة كبرى يصعب على اي كان الادعاء بانه قادر على الاتيان باجوبة ضافية ومقنعة عليها، وفي مقدمتها : ماهي الاثارالاقتصادية الحقيقية لجائحة كورونا المستمرة على الاقتصاد العالمي؟ وعلى الاقتصاد المغربي في علاقة معه؟ وماهي النتائج المترتبة عن الاختيارات التي اتخذها المغرب لتجنب حصدها للارواح وضغطها على نظام صحي في حالة اهتراء متقدمة؟ وهل يمكن الاكتفاء بتقييم تلك الاثار والنتائج في حدود الفترة المنصرمة ام يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار حالة الغموض واللايقين incertitude التي تجعل اي توقع ذي صدقية مستحيلا في المدى المنظور بالنسبة للجائحة في حد ذاتها او المتغيرات التي ستنجم عنها وعن تدبيرها، بما في ذلك على المستوى الطبي والدوائي؟
غياب اجوبة، او عناصر اجوبة، يعتد بها، اذ من شان استعمال النماذج المالوفة les modèles في غير محلهامن شانه ان يورط في متاهات وارتباك، يجعل عملية وضع فرضيات بديلة لتلك التي بني على اساسها قانون المالية لسنة 2020 ليس فقط صعبا، بل مستحيلا. فلا احد يمكنه مثلا ان يقدر بالتدقيق ماهي الاثار الحقيقية للجائحة على النمو العالمي وعلى شركاء المغرب الاساسيين وعلى القرارات الاسترتيجية للقوى الدولية الكبرى على الطلب الخارجي الموجه للمنتجات المغربية وعلى الاسعار الدولية وعلى العملات الاساسية او على استهلاك الاسر داخليا، وهذا الاخير محرك اساسي للنمو، او على المداخيل الضريبية التي تم منح امكانية تاخير تسويتها الى اواخر يونيو، مما يترتب عليه ان الصورة لن تتضح الا بعد ذلك التاريخ، اوعلى المداخيل غير الضريبية، او على القروض البنكية او غير ذلك، فالامر الواحد المتاكد منه هو ان اسعارالبترول ستظل في مستوى منخفض في ظل اختلال التوازن بين العرض والطلب والوفرة في العرض التي ستستمر لوقت غير قصير، ومعها احتمالا اسعار المواد الاولية والوسيطة عموما. وهذا ما من شانه ان يحدث اثرا ايجابيا وسلبيا في نفس الوقت على الميزان التجاري، ويمكن ان نضيف اليه تراجع السياحة والنقل الجوي والاستثمار الخارجي مما ستكون له اثار على الحساب الجاري لميزان الاداءات يصعب تحديدها هي ايضا بدقة.
ان ماسبق يؤكد ان الغموض واللايقين عاملان يحدان من القدرة على وضع فرضيات قابلة للتاكيد ولو على المدى القصير جدا، واي فرضيات مهزوزة يمكن ان تقود الى مشروع قانون مالية تعديلي مهزوز وقابل لان يصبح بدوره غير قابل للتطبيق بسرعة وفي حاجة الى تعديل، والدخول في هذه الدوامة خطير للغاية في مغربنا الذي لم يلجا للقانون التعديلي لقانون المالية الا لماما ويمكن ان يعتبره الفاعلون علامة ارتباك وتيه.
وهكذا، فان شروط تعديل قانون المالية فيما يبدو لي غير مجتمعة في الوقت الحالي، خصوصا وان هذا التعديل ان حصل سينصب على النفقات، مادام الوقت غير مناسب للاجراءات الضريبية، اذا استثتنينا ربما الضريبة على الاستهلاك على المواد البترولية، وكل تعديل للنفقات في اتجاه خفضها سيوحي اننا دخلنا مرحلة التقشف وسيجعل الفاعلين الاقتصاديين، والكثير منهم يعتمد على الصفقات العمومية، وعموم المواطنين ينظرون الى المستقبل بتشاؤم كبير، والحالة النفسية للجميع يمكن ان تقوي التشاؤم لاي سبب من الاسباب، وهذا ما يمكن ان تكون له تبعات ومضاعفات.
واعتبارا لكل ذلك، فان المدى القريب جدا يتطلب في تقديري الحرص على تدبير دقيق ومفتوح على المستقبل للسياسة الميزانية والسياسة النقذية، مع ما تتيحه هذه الاخيرة من مرونة، بالاعتماد على مسؤولية الوزراء كامرين بالصرف وايضا على حسن التدبير من طرف مديرية الميزانية ودور المحاسبين العموميين في الخزينة لتكون الاهداف ذات والطابع العاجل هي التي تحظى بالاولوية ويتم النجاعة المبدا الموجه. وربما يكون شهر غشت او شتنبر اكثر ملاءمة لوضع قانون تعديلي لقانون المالية لسنة 2020، اذا ما توضحت الصورة اكثر، وربما يكون هذا الوقت مناسبا لطرح افكار جديدة للمستقبل يمكن الاستناد اليها لاعداد مشروع قانون المالية للسنة المقبلة المفروض ان يندرج في اطار توجه جديد، اما الان فان تدبير المدى القصير هو الذي يفرض نفسه .
محمد نجيب كومينة / الرباط