إدريس المغلشي
أصبحنا نعيش لحظة تتفاعل فيها الآراء حول نتائج حوار ماراطوني ينطبق عليه المثل القائل” تمخض الجبل فولد فأرا”
كثيرا من الخيبات التي أصابت قطاع التعليم في مطالبه مردها بالأساس إلى حالة المد والجزر التي أصبحت تحتل جل ميكانيزمات التفاوض دون أن تفرز بشكل واضح نتائج ملموسة.ترى ما سر هذا التعثر الذي وقف سدا منيعا أمام مطالب الشغيلة ؟ هل قدرنا ان نعيش مسارا ومسلسلا طويلا من الحوار دون ان نقف له على نتيجة ؟ هل من سبيل لنوقف النزيف ونحسم الأمر بمايضمن انطلاقة جدية وفاعلة تخدم المنظومة؟
تبدو غريبة ومثيرة للإستفزاز تلك الصور التي يتم تداولها حول مسار هذا القطاع ، فهناك من يقول أننا نكثر من التحليل الذي يتحول في بعض الأحيان لمايشبه اللغط دون نتيجة تذكر ولعل بعض المظاهر التي تغذي هذا الطرح أننا في كثير من المحطات نساهم في صناعة بعض القرارات المجحفة ضد طموحاتنا من خلال الترويج للإشاعة وجعلها نصف حقيقة إن لم نجعلها كاملة الأركان لتصبح في النهاية قرار ينفذ قبل صدوره كمرسوم. ماقتل آمال القطاع سوى أهله والأوصياء عليه.فنحصد مازرعته ألسنتنا في المقاهي والمنتديات بوضعية تحكمها معادلة مختلة فيها موازين القوى.من مطبات التحليل ان يجيبك شخص يتكلم بيقين ليقول لنا جميعا أن التعليم ثاني قطاع من حيث العدد بعد الجيش وبالتالي مكلف وهناك من ذهب أبعد من ذلك حين قال لماذا ستتم الزيادة لقطاع لاينتج سوى الفشل ؟ كل هذه المفردات من كثرة تداولها والترويج لها اصبحت مسلمات بعدما كانت مجرد انطباعات . علينا ان نعيد إحكام صياغة المفردات في الحوار وأن تكون لغتنا واضحة وصريحة.
إذا كان هناك فشل فقسطه الأوفر تتحمل مسؤوليته الوزارة الوصية من خلال سوء التدبير وسلطة قرار كابحة للمبادرات وتسييس قطاع أفسدته الأحزاب من خلال جعله ورقة ضغط لتحقيق مكاسب مؤقتة . إن إستهداف التعليم من خلال إجراءات تنطلق من تصور ومنهجية محكمة تسعى لإفراغه من كل مقومات القوة وفي المقابل تشجع التعليم الخاص وفسح له المجال من أجل احتلال مواقع لم ينشئها لوحده بل استطاعت الدولة بكل ترسانتهاتمكينه من ذلك ويعلم يقينا أن التنافس الشريف المتكافئ لن يتيح له فرصة واحدة .رغم كل العراقيل يبقى التحدي صعبا.مهما حاولت اللوبيات ،فالنتائج تؤشر على الفرق الواضح بين القطاعين .
لا أدري ماسر اللعنة التي تطارد مطالب الشغيلة ؟ في كل لحظة فارقة ذات أهمية تتبخر كل الطموحات ونعيد سلسلة الأسئلة من البداية بشكل عبثي فيضيع معها الوقت ونغرق في التحليل مرة أخرى .الإعفاء الضريبي في نسخته الأولى أحسن بكثير مما أشر عليه لقجع الآن ويبدو أننا لم نعد قادرين على تناول مفهوم السلم المتحرك للأجور مع غلاء المعيشةكمطلب كانت تشحن له الشوارع في محطة الإضراب العام .لكن يبدو أن تسعيرة 25 درهم كحصيلة تعطي الإنطباع أنها القيمة الحقيقية لتواجدنا في الساحة .وإذا قبلنا بها كإنجاز فهي نهاية مهينة أتمنى ألا تسجل في مسار التفاوض إنها مهزلة بكل المقاييس . وسنكون بالضرورة أمام مطالب أصبحت أمنيات الأكيد أن المسافة بيننا وبين تحقيقها مسافات ضوئية . لأن مطالبنا كانت على أوراق فتبخرت لتصبح مجرد أماني .