إدريس المغلشي
في واقع يطبعه الإرتباك نعيش من خلاله لحظة ترقب لهذا المولود الجديد بعدما طالت مدة بقائه في رحم التسويف والتماطل على غير العادة .في قراءة عابرة لمسار التفاوض ومخرجاته المرتقب ظهورها بعد انتظار طويل عمر لأكثر من اللازم وأبانت سياسة الترقيع وغياب الارادة لايجاد حل فاصل بين العبث والمأسسة أننا ضيعنا فرصا كثيرة للاصلاح من خلال هدر فضيع للموارد باعتبار سياسة اللعب على الوقت من اجل التخلص منها عبر مسارات متعددة يغلب عليها التنوعير وحساب الكلفة اكثر من الوضوح والشفافية والصراحة . لايمكن التكلم عن الاصلاح دون اعتبار عنصرين اساسين الاول لا إصلاح للتعليم بدون نظام أساسي مستحضر لدقة المرحلة من خلال التقارير السابقة كحد أدنى الثاني ضمان حق جميع مكونات المنظومة في الإنصاف دون تكريس الفوارق وتوسيع الهوة بينها .
هناك ملحوظة اخرى لايمكن إغفالها أن سيرورة انتاج النظام الأساسي غير منضبطة للزمن حيث لاحظنا ان الصيغة المقترح التي من المحتمل بل من المفروض انهاتحمل الجديد السؤال الذي يفرض نفسه.هل تنطلق من نظام 2003 كأرضية للنقاش ام هي انقلاب عليها علما ان وثيرة استصدار مثل هذه النماذج بالقياس للزمن القريب الذي ودعنا (2003/1985) اي ثمانية عشر سنة والآن عمر الصياغة والتفاوض والحوارقد عمر 19 سنة.من العيوب التي تستهدف بنى الإصلاح ان يقع ضحية السياسة وحساباتها الضيقة وأن يخضع كذلك لحسابات”مول الشكارة” فكثيرا مانطلب الجودة والحكامة بعامل مناقض لهماسياسة التقشف كمعطى مخالف للترشيد.كل الميزانيات المرصودة لقطاع التعليم في شق الإصلاح اهدرت دون محاسبة وهنا يتساءل المتتبع لماذا لايطبق المقتضى الدستوري المسؤولية المقرونة بالمحاسبة إذا كنا فعلا نروم الحكامة في اطار الاصلاح ؟
فلايعقل ان نطالب الاخرين بشيء لانلتزم به.
الكثير منا ينتظر الصيغة النهائية التي سيخرج بها النظام الأساسي وهناك من غلب منطق التشاؤم ولعن الظلام بدعوى ان هذه النتيجة غير مرضية ولاتشرف نضالات الشغيلة بالساحة .قبل ان ننساق وراء هذا التفاعل الذي يغلب عليه منطق العاطفة اكثر من الموضوعية دعونا نشرح واقع فعلنا النضالي وعلاقته بالنقابات حتى نصل لحكم منصف دون التجني على طرف لحساب طرف آخر . النقابات في اطار تدافعها وحضورها النضالي تستمد قوتها من القواعد فهي السند والدعم لانتزاع المكاسب على طاولة النقاش .الصورة التي عشناها العشر سنوات الأخيرة على الأقل غير محفزة ولامطمئنة لبناء طموح مشروع ينصف الجميع .تشتت نقابي وتنسيقيات هنا وهناك وفئات بدون هوية ولابرنامج واحزاب سياسة تخلت في منتصف الطرق عن اهدافها وبرامجها وتغول إداري تمادى في شططه وسلطته. كل هذه المفردات المتنافرة التي تشكل صورة اشبه بالسوريالية العصية على فك تشفيرها نريد منها ان تشكل جبهة واحدة وورقة ضغط لانتزاع حقوق يغيب عنها التصنيف وبعضها يتصادم مع الآخر في جو مشحون إقصائي افتعلت فقراته الإدارة بدهاء وهندسة مسبقة لتعطل مساره ليبقى تحديد وقت الحسم فيه أمام هذا التشرذم متى ارادت. هي لوحدها دون غيرها، لأنها تحكمت في ميكانيزماته .فلايعجل بقطف المكاسب سوى النضال بأبعاده الإستراتيجية وليس بردة الفعل او السقوط ضحية حسابات اجندات سياسية ملغومة.
لا أحد منا يتنازل عن حقه في المكسب وهو امر طبيعي لكن علينا ان ندقق فيه بالمقارنة و الدور المحدد في المنظومة مع وجود الكثلة الضاغطة عبر النضال دون اغفال بعض التنازلات التي لاتخل بالصورة عامة .ومع كل هذا فمسار التفاوض في عمومه لايقبل بانصاف الحلول لكنه لاينشد الكمال لانه ببساطة عمل بشري يعتريه النقص وبالتالي لانشك لحظة انه سيخلف ضحايا.لاننا نعيش معادلة غير متكافئة بين من يملك المعلومة والخبرة والقانون ومن يملك النضال لوحده في بيئة ملغومة وهو عامل غير كافي رغم علاته ومعيقاته وتحدياته لانتزاع مطالب في الأخير تبقى أماني وطموحات لاغير .