دريس بوطور
الأطلال الظاهرة على الصورة المرفقة هي لمدخل بناية كانت تسمى قيد حياتها ب”مدرسة الأمراء ” بالشماعية مركز بلاد “أحمر ” وحاضرتها التاريخية العريقة ** بلاد أحمر الأرض المعطاء الصبورة بأناسها وأنعامها كي تستمر الحياة وتنبعث من رمادها . بلاد أحمر أرض الفقهاء والعلماء والفرسان الصناديد ** يعود تاريخ بناء مدرسة الأمراء بالشماعية إلى عهد السلطان محمد بن عبد الله العلوي الذي حكم المغرب بين سنتي 1757 و 1790 . وقبل توليه الحكم كان يقضي عدة فترات من السنة بمدينة أسفي ونواحيها ، هذا الوجود المتوالي بحاضرة المحيط جعله يعقد صداقات مقربة مع أعيان القبائل وعلمائها ، ومن بينهم الفقيه هدي بن الضو الحمري الذي نال ثقة الأمير وإعجابه لما لمسه فيه من نجابة في الفقه ودراسة القرآن ** وعندما أصبح محمد بن عبد الله سلطانا على المغرب طلب من الفقيه هدي بن الضو تخصيص أرض بالشماعية لبناء دار لإقامة وتعليم أبناء السلطان وأمراء الدولة وتفقيههم في الدراسات القرآنية والمتون اللغوية بالاضافة الى تدريبهم على الفروسية وركوب الخيل دون سروج والصيد على متنها ، قصد تعويدهم الابتعاد عن رفاهية القصور والحواضر. كما طلب السلطان أيضا بعد بنأء الدار أن يلتحق بها للتدريس كل فقيه وعالم نحرير من بلاد أحمر وكل طالب حمري متفوق في دراسته ** ذلك ما كان ، بنيت مدرسة الأمراء بالشماعية واستمرت في أداء رسالتها ومهامها بعد وفاة السلطان محمد بن عبد الله ، لكنها ستعرف فتورا ملحوظا دام نصف قرن ولم تنتعش إلا بعد وصول الحسن الأول إلى الحكم والذي كان طالبا بها ، حيث أرسل إليها أبناءه مع مجموعة من الأمراء وقام بتوسيع بنايتها وتحسين ظروف الاستقرار بها . ولم يقتصر دور هذه المدرسة على التعليم التقليدي النظامي بل كان يزورها في عهد الحسن الأول بين الفينة والأخرى علماء من فاس ومراكش وسوس لعقد مناظرات ومقابلات بينهم وبين علماء أحمر بحضور الأمراء وتشجيع السلطان وتحفيزه المادي ** لكن نجم هذه المدرسة أفل بالتزامن مع وفاة الحسن الأول ودخول المغرب في صراعات بين أبنائه أدت به إلى الخضوع للحماية الفرنسية والاسبانية ، فلم يعد أحد يلتفت إلى مدرسة الأمراء أو يهتم بها حتى طالها النسيان ، وتضعضع فيها أساس البنيان وأصبحت مجرد طلل شاهد على المنصرم من الأزمان .