المبارك الگنوني
فقدَ مُزارعٌ ساعتهُ اليدويّة في مخزنِ الحبوب! كانت تلكَ الساعةُ تحملُ قيمةً معنويّةً خاصّةً بالنسبة له.
بعد تفتيشهِ وتنبيشهِ في المخزنِ لمدةٍ طويلةٍ لم يعثر على شيءٍ، فتوجّه طالباً مساعدةَ مجموعةٍ من الفتيةِ كانوا يلهونَ ويمرحونَ بالقرب من المخزن، واعداً بمكافأةٍ لمن يعثرُ عليها. وبالفعلِ أسرعَ الفتيةُ وأخذوا بالبحثِ الحثيثِ في كلِّ رُكنٍ وزاويةٍ ولكن … دونَ جدوى!وحينَ أوشكَ المُزارعُ على الإستسلام من إيجادها، تقدّم مِن بينِ الصّبيةِ فتىً صغير طالباً منحهُ مهلةً أخرى للبحثِ الجادّ، وفعلاً بعدَ وقتٍ قصيرٍ عادَ والسّاعةُ بيده! فرح المزارع وبدت عليهِ علاماتُ الدّهشة!! فسأل الفتى: كيف نجحتَ في هذهِ المُهمّة في حينِ فشلَ أقرانك الآخرون ؟ ردّ الفتى قائلاً:
“لم أعمل شيئاً سوى الجلوسِ في المخزنِ وإرهافِ السمع دونما ضوضاءَ في المحيطِ، وفي ذلك الجوِّ من الهدوءِ والسّكينةِ تناهت إلى مسامعي تكتكاتُ السّاعة، فقمتُ وبحثتُ عنها في الاتجاه الذي تُشيرُ إليهِ، وبالفعلِ وجدتها!”
إخوتي .. في كثيرٍ من الأحيانِ نحتاجُ إلى الهدوءِ والسّكينةِ والإنصاتِ بمهارةٍ لنستطيعَ سماعَ صوتِ مَن نُحب، واحتواءَ بَعضنا، والقضاءِ على خلافاتنا وتعدُّدِ آرائنا!!إنّ ممّا يزيدُ هذه الصفاتِ جمالاً وبهاءً ماذكرهُ الخالق عزّ وجلّ في كتابهِ العظيم عن مُتقني تلكَ المهارةِ (مهارةَ الانصاتِ) حينَ أثنى عليهم بقوله: ” الذين يستمعونَ القولَ فيتَّبعونَ أحسَنهُ أولئكَ الذين هداهُمُ اللهُ وأولئكَ هم أولوا الألباب ”
سورة الزمر (18).