جاء في بيان الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ، بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة، حول عمالة الأطفال بتاريخ 12 يونيو 2020، أن الجمعية تحيي إلى جانب الحركة الحقوقية والديمقراطية العالمية، والمنظمات النقابية ومنظمة العمل الدولية والهيئات الأممية المعنية بحقوق الطفل، اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال يوم 12 يونيو من كل عام، الذي تم إقراره من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 2002. وقد اتخذت منظمة العمل الدولية كشعار لهذه السنة: “جائحة كوفيد – 19: حماية الأطفال من عِمالة الأطفال الآن أكثر من أي وقت مضى”، لتسليط الضوء على تأثير الأزمة الحالية على عِمالة الأطفال. فجائحة كوفيد – 19 الصحية وما تسببت فيه من صدمة اقتصادية واختلالات في سوق العمل أثر كبير على الناس ومعيشهم، وللأسف، فغالباً ما يكون الأطفال هم من أوائل من يعانون من ذلك.
ويشكل هذا اليوم كذلك، مناسبة لتسليط الضوء على مجمل الإجراءات القانونية والتدابير الأممية والوطنية للحيلولة دون استمرار الظاهرة وحماية الأطفال من الاستغلال الاقتصادي ومن أي عمل يكون خطيرا يضر بنموهم العقلي والبدني و يحرمهم من طفولتهم الطبيعية و يمثل تعثرا لتمتعهم بكافة حقوقهم المكفولة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، وخاصة تلك المتعلقة بحقوقهم الاجتماعية في التعليم والصحة والضمان الاجتماعي ونموهم البدني والنفسي والعقلي والروحي.
فعلى المستوى الدولى؛ يلتحق الأطفال في جميع أنحاء العالم بأشكال مختلفة من العمل بأجر وبدون أجر، تُصنف تلك الأعمال ضمن مفهوم “عِمالة الأطفال” خاصة عندما يشاركون في أنشطة خطرة قد تعرض نموهم البدني أو العقلي أو الاجتماعي أو التعليمي للخطر. ويوجد طفل واحد من كل عشرة أطفال في جميع أنحاء العالم في سوق العمل. والتحق بالفعل ما يصل إلى 152 مليون طفل بين 5 و17 سنة بسوق العمل،72 مليون منهم يمارسون أعمالا خطرة.
كما أن تأثير الأزمة الصحية في ظل الجائحة، قد يقوض أغلب الجهود للحد من عمالة الأطفال، فارتفاع نسبة الفقر وسط الاطفال بإضافة 62 مليون طفل على الصعيد العالمي، وفقدان العديد من الأسر سبل عيشها، واحالة العديد من السكان النشطين على العطالة بعد فقدان عملهم، سيؤدي الى المزيد من عمالة الاطفال واستعبادهم والاتجار بهم واستغلالهم لمدة زمنية أطول، فكل المؤشرات تدل على المزيد من انتشار العمل الجبري للأطفال واستخدامهم في الانشطة غير المشروعة.
وعلى المستوى الوطني؛ فإن العديد من الأدلة تؤكد استمرار ظاهرة الاستغلال الاقتصادي للأطفال؛ وهو الأمر الذي تعززها المعطيات المتضمنة في التقارير الدولية والوطنية، والرسمية فان 247 ألف طفل بين أكثر من 7 ملايين طفل تتراوح أعمارهم ما بين 7 و17 سنة هم في حالة شغل، وأن 162 ألف منهم يزاولون أشغال خطيرة أي بمعدل % 2,3 من مجموع الأطفال.
ورغم دخول القانـون رقـم 12.19 المتعلـق بتحديد شروط التشغيل والشغل المتعلقة بالعمال والعاملات المنزليين حيز التنفيذ في2 أكتوبر 2018، إلا أنه تشوبه عدة ثغرات مثل تشغيل الأطفال ما بين 16 و18 سنة لفترة انتقالية مدته 5 سنوات، مع العلم أن منظمة العمل الدولية تعتبر أن العمل المنزلي عملا خطيرا، كما تشوبه اختلالات في آلية التفتيش التي لا يمكن أن تخضع لها المنازل، وبالتالي يجب توفير الحماية للأطفال وذلك بتحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية للأسر، حتى لا تعتمد على عمالة أبناءها كما أوصت بذلك اللجنة الأممية لحقوق الطفل في ملاحظاتها الختامية في شتنبر 2014 ، وتوفير التعليم اللائق بما فيه التدريب المهني خاصة الفتيات اللائي يتعرضن للعنف الجسدي وللفظي والعزل وعملهن أكثر من 100 ساعة في الأسبوع، ومعاقبة من يستغلون الأطفال دون سن 18 سنة في الأعمال المحفوفة بالمخاطر، وسن قانون يسمح بدخول مفتشي الشغل للمنازل لانقاد الأطفال من الاستغلال الاقتصادي والعمل باتفاقية منظمة العمل الدولية في المادة 189 بخصوص العمل اللائق للعمال المنزليين.
والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التي تعتبر حقوق الطفل جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان، وانطلاقا من المبدأ الأساسي المتمثل في احترام المصلحة الفضلى للطفل كركيزة لا محيد عنها لصون الكرامة الإنسانية، تسجل عدم التزام الدولة بالاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، وافتقار الدولة لسياسة تعتمد بشكل عرضاني وفي كافة المجالات القضايا المتعلقة بحقوق الطفل والطفلات، واتساع دائرة تشغيل الأطفال في العديد من القطاعات خاصة في القطاع الزراعي، في شروط استغلال شبيهة بالعبودية؛ فإنها:
1. تخشى من ارتفاع عدد عمالة الأطفال بسبب الانقطاع الطويل عن الدراسة، وفشل التعليم عن بعد، وغياب مقاربة للاهتمام بحقوق الطفل عموما في ظل الجائحة. إضافة أن فقدان العمل لفئات واسعة من أرباب الأسر خاصة العاملة في القطاع غير المهيكل والاقتصاد الموسمي سيقوي عمالة الاطفال والطفلات؛
2. تطالب الدولة بسن سياسات عمومية وفق إستراتيجية واضحة تكفل الإعمال الصريح والفعلي لحقوق الأطفال والطفلات، وتسعى للقضاء على ظاهرة تشغيلهم وضمان حقهم في التحرر من العمل والاستغلال؛
3. تدعو الدولة الى ضرورة معالجة الاختلالات العميقة المنتجة والمولدة للظاهرة، وذلك بالتصدي للهشاشة والفقر والعطالة والأمية، ومحو التفاوتات المجالية والاجتماعية الشاسعة، عبر سياسات اقتصادية تروم تحقيق العيش الكريم وإحقاق العدالة الاجتماعية؛
4. تطالب بتقوية النظم الصحية وغيرها من الخدمات الاجتماعية المرتبطة بالطفل، لتفادي تحول الازمة الصحية إلى أزمة حقوق الطفل؛
5. زيادة الاستثمار في التعليم العمومي، وتوفير مستلزمات الدراسة واحترام اتفاقية العمل الدولية 138 المتعلقة بالحد الادنى لسن الاستخدام، والتي تلح على الزامية التعليم الاساسي؛
6. توفير كل الضروريات المنقذة لحياة الطفل والضامنة لنموه البدني من (دواء، الصرف الصحي ، الغذاء، مستلزمات التنظيف ، الماء …)؛
7. تسجل رفضها لمقتضيات المادة 6 من القانون رقم 19.12 المتعلق بتحديد شروط التشغيل والشغل المتعلقة بالعاملات والعمال المنزليين، التي تبيح تشغيل الأطفال والطفلات في المنازل، أقل من 18 سنة خلال فترة انتقالية لمدة 5 سنوات وتطالب بإلغائها؛
8. تجدد مطالبتها بضرورة وضع مدونة لحقوق الطفل، والإسراع بمراجعة كافة القوانين المتعلقة بالطفولة وملائمتها مع الاتفاقيات الدولية خاصة اتفاقية حقوق الطفل واتفاقيات منظمة العمل الدولية ذات الصِّلة؛
9. تؤكد على ضرورة تحمل الدولة مسؤولياتها في استفادة جميع الأطفال والطفلات خاصة في العالم القروي من حقهم في تعليم مجاني وجيد وضمان إعادة تأهيلهم ودمجهم اجتماعيا مع اخذ احتياجات أسرهم بعين الاعتبار؛
10. تجدد مطلبها القاضي بضرورة إدماج إعلان المبادئ والحقوق الأساسية في العمل الصادر عن منظمة العمل الدولية عام 1998 والذي يؤكد على إلزامية الدول الأعضاء في المنظمة بضرورة احترام اعلان المبادئ حتى وان كانت الدولة ليست طرفا في بعض الاتفاقيات وتقر بالقضاء الفعلي على عمل الأطفال؛
11. تجدد دعمها وانخراطها إلى جانب المنظمات والهيئات المهتمة بحقوق الإنسان، والائتلافات الجمعوية، خصوصا الائتلاف من أجل حظر تشغيل الطفلات خادمات في البيوت، في كافة المبادرات التحسيسية والتوعية والترافعية الهادفة للدفاع عن المصلحة الفضلى للطفل وإقرار حقوقه بما فيها حقه في التحرر من العنف والاستغلال الاقتصادي.