قررت المحكمة الإدارية بمراكش ، يوم الخميس 13 غشت الجاري، إدخال ملف العثماني الأمين العام لحزب العدالة و التنمية ضد خليل بولحسن المستشار الجماعي بمراكش عن الحزب ذاته الى المداولة لتاريخ 18 من الشهر ذاته، للنطق بالحكم بعد أن تشبث طرفي الدفاع بماجاء في مذكرتيهما.
وأهم ما ميز جلسة اليوم هو غياب محامي العثماني بنيطو نظرا لإصابته بفيروس كورونا المستحد، ليحضر زميله في المكتب ذاته جبور، و الذي من الممكن أن يكون مخالطا نظرا لتواجدهما بنفس البناية.
هذا و يذكر أن دفاع العثماني سبق أن تقدم المدعي بمقال ضمنه مجموعة من المزاعم، ويلتمس من خلاله الحكم بتجريد العارض من عضوية مجلس جماعة مراكش ومجلس مقاطعة جليز، كما تقدم بطلب إضافي يلتمس فيه الحكم بعدم أهلية العارض للترشح للاستحقاقات المقبلة.
في الوقت الذي ادلي الأستاذ الراجي محامي بولحسن رفقة الأستاذ الفتاوي، بمذكرة جوابية، أكد خلالها أن إن المدعي أسس طلبه على أساس المادة 20 من قانون الأحزاب وكذلك على أساس المادة 51 من القانون المتعلق بالجماعات الترابية واعتبارا لكون المادة 20 من قانون الأحزاب السياسية قد وردت دون أية تفاصيل تتعلق بشروط الطلب وشكلياته، فإن المادة 51 من القانون المتعلق بالجماعات الترابية ينص على أنه لا يمكن تطبيق المادة 20 أعلاه إلا إذا تخلى العضو المنتخب عن الانتماء للحزب خلال فترة الانتداب.
و واضح بشكل جلي أن المادة 20 لا تطبق بشكل مطلق أو مجرد من أية قيود، وإنما تطبيقها مرتبط ومتوقف على تحقق شروط في مقدمتها ثبوت تخلي العضو المنتخب عن انتمائه للحزب المدعي. وبالرجوع لوثائق الملف، فإن المدعي لم يدل بأية وثيقة تِكد تخلي العارض عن انتمائه للحزب، ومكتفيا فقط بالتأكيد على مجرد تصريحات حوارية للعارض لا ترقى بأي شكل من الأشكال لدليل على تخليه عن الحزب أو عن انسحابه منه، بقدر ما هي تصريحات تدخل ضمن حرية التعبير التي يحميها الدستور وكل المواثيق الدولية.
لذلك فإن الأساس القانوني للدعوى الحالية منعدم، مما ستلاحظه المحكمة الموقرة وتتفضل بالتصريح به وبرفض الطلب تبعا له.
ثانيا: تصريحات العارض لا تثبت تخليه عن انتمائه الحزبي: حيث ستلاحظ محكمتكم الموقرة أن المدعي لم يقوى على إثبات تخلي العارض عن انتمائه الحزبي، وأن كل ما تشبت به في هذا السياق هو نسبته للعارض قوله أنه “لا يشرفه الانتماء لهذا الحزب الذي فشل في التدبير”
ومن باب التجاوز، وحتى على فرض أن العارض صدر عنه هذا التصريح، فهل يرقى هذا التصريح للقول بأن العارض قد تخلى عن انتمائه الحزبي؟
إن التخلي عن الانتماء الحزبي لا يثبت إلا بوثائق، أو بوقائع قاطعة لا تدع أي مجال للشك حول توجهات العارض، وهي أمور لا تتوفر في نازلة الحال إطلاقا، كل ما في الأمر أن العارض استدعي لجلسة حوارية براديوبلوس، وفوجئ بأحد مسؤولي الحزب يتصل بالإذاعة لعدم استقبال العارض بحجة أنه لا يمثل الحزب في تلك الجلسة الحوارية، فما كان من العارض إلا أن حضر الجلسة الحوارية بصفة شخصية، كمواطن من حقه التواصل مع الإعلام والمواطنين، بعيدا عن البيروقراطية الحزبية التي وصلت لحد “الديكتاتورية الحزبية” بمنع منتخبي الحزب من التواصل بشكل شفافية ووضوح مع المواطنين، وهو ما لم يرق للعارض، واعتبر أن ذلك غير مشرف له أن ينتمي لحزب بكل تلك “العسكرة التنظيمية” التي تنتهك الحق في التعبير كحق دستوري.
لذلك فالعارض لم يتخلى نهائيا عن انتمائه الحزبي وإن كان لا يشرفه فعلا الانتماء لتنظيم معاد لحرية الرأي والتعبير من خلال اضطهاده له، ومنعه من إبداء أي رأي مع العلم أن داخل نفس المنظومة الحزبية تحتمل الرأي والرأي المخالف، ولا يوجد ا في قانون الأحزاب ولا في أية شريعة كيفما كانت، ما يمنع حتى من إنشاء ثيارات حزبية مختلف داخل نفس الحزب، وهو جوهر الديمقراطية الداخلية التي يفترض أن تتاح للمنخرطين، لا أن يلاحق هؤلاء أمام المحاكم لا لشيء سوى لأنهم منحازون لمصالح المواطنين، وفضلوها على المصلحة الحزبية الضيقة.
ثالثا: حول القرار رقم 730 المحتج به:
أمام قناعة المدعي بعدم وجاهة الأساس القانوني لدعواه، فإنه عمد إلى البحث عن تأصيل آخر لدعواه، فأدلى لمحكمتكم الموقرة بنسخة من القرار رقم 370 الصادر عن محكمة الاستئناف الادارية بمراكش، ملتمسا أخده بعين الاعتبار للحكم وفق طلباته.
لكن، حيث إن الوقائع موضوع القرار رقم 370 تختلف تماما عن وقائع نازلة الحال، على اعتبار أن وقائع ذلك القرار تتعلق بعضو تخلى فعلا عن انتمائه لحزبه، وتنكر له كلية، وبل الأكثر من ذلك أن ذلك العضو انخرط في حزب آخر منافس لحزبه الأصلي، وشارك في الحملة الانتخابية للحزب الذي انتقل إليه ضد حزبه الأصلي.
ففي تلك النازلة، ثبت للمحكمة فعلا أن ذلك العضو قد تخلى فعليا وعمليا ومبدئيا عن انتمائه الحزبي، بدليل تصريحاته التي أصبح يتحدث من خلالها باسم الحزب الجديد، وهذا أمر غير ثابت في نازلة الحال بالنسبة للعارض الذي لم يقدم أية استقالة من حزبه، ولم ينخرط في أي حزب آخر ولم يصدر عنه أي تصريح باسم أي حزب غير حزبه الذي لازال يتشبث بانتمائه إليه.
لذلك فإنه لا يمكن إسقاط وقائع القرار رقم 370 على حالة العارض بأية حال من الأحوال نظرا للاختلاف الواضح بين الحالتين.
لهذه الأسباب ولغيرها مما قد تثيرها محكمتكم الموقرة،
فإن العارض يلتمس من المحكمة الموقرة:
أساسا: التصريح بعدم اختصاصها النوعي وفقا لمذكرة العارض المدلى بها بجلسة 6/8/2020
احتياطيا: الحكم برفض الطلب