آخر الأخبار

منظومة تربوية فاشلة تصنع الموت

ادريس المغلشي

هل هو احتضار أم خريف منظومة تربوية تساقطت اوراقها على الرصيف وفي كل الشوارع لتعلن نهاية مسار لم يكتب له النجاح رغم التطبيل وسياسة الدوباج التي مافتئ البعض يقوم بهادون ان يطبق اجراءات فورية لوقف النزيف؟ تصريح المسؤول التربوي للأسف مجرد كلام يحلق في السماء بدون أجنحة ،يلقي القول كمااتفق بلارابط ولا مضمون. دون ان يلامس الحقيقة ويتحلى بنوع من الصراحة والوضوح يعتقد أن الواقع لازال فيه متسع للديماغوجية التي تسعى لتسويق مغالطات ولا في الأحلام .
ما نعاينه من تردي للمنظومة لم يعد خافيا على كل متتبع بل اذا كانت تعاليقنا قوية في اللحظات العادية فكيف بها في زمن اتسعت فيه الفوارق بين القرى والحواضر بل وبداخلها احدثت فجوات للاسف الشديد المسؤول لم ينتبه إليها او تغاضى عنها فالأمر سيان لأن الضحية واحد والنتيجة واحدة.
ليس صدفة ان تشاهد عبر مواقع التواصل الإجتماعي صورة متداولة بقوة لتلاميذ يمزقون دفاترهم وكتبهم للتعبير عن فرحة هستيرية بانتهاءم وسم دراسي شاق ومتعب ،عرف ارتباكا تدبيريا وعدم استقرار بدون بوصلة ولاتوجه .لم نقف له على بداية طبيعية فكيف ستكون النهاية ؟ صورة تحتاج لقراءات متعددة والوزيرخارج التغطية.كثيراماتأتي تصريحاته خارج السياق.لاتعبرعن حقيقة واقع التمدرس داخل مؤسسات رغم المجهودات المبذولة من أجل ان تبدو اكثر جاذبية لكنها حقيقة الأمر تجسد مضمون المثال الصارخ “لمزوق من براآش خبارك من الداخل” للأسف لانلتقط الاشارة الابعد فوات الأوان .
كثير من الأحداث لاتستنفرجانب الكفاءة لدينا بقدرما تستفز عجزنا وعدم قدرتنا . فنضيع بين مسارين مختلفين لم نبادر
بالحلول الاستباقية للحد من الكارثة ولانحن عالجنا الظاهرة في عمقها. سنبقى نجتر العجز ونتوارثه من جيل الى جيل دون ان نسجل تقدما ملموسا.هل قدرنا ان نعيش كوابيس تقض مضجع الأسر عند كل امتحان اشهادي أصبحت محطته تحمل كثير من الضغوطات النفسية والارهاصات المثقلة بالهموم والضيق وعدم القدرة، بل غابت مسؤولية المشرفين من خلال الدعم البيداغوجي والنفسي لموسم استثنائي عرف تعثرا على جميع المستويات ناتجة بالأساس عن عوامل كثيرة كالزلزال واضرابات الاساتذة ولم نسمع عن تقاريرولالقاءات تواصلية تذلل الصعاب وتطمئن الأسر وتقلص الفارق بين المجالات وتحاول دعم التلاميذ والتلميذات.
بعد فاجعة انتحار تلميذة آسفي التي ضبطت في حالة غش نتيجة تعامل كان قاسيا مفرغا من نزعة بيداغوجية انسانية تطوق الاشكال بأقل الخسائر . لقد سجلنا بامتعاض شديد وأسف عميق مضمون التسجيل الصوتي وهي تهرول نحو حتفها المحتوم وقدرها المعلوم .وهي تصرح بمعلومات خطيرة وقرارات صادمة .لا اتفق مع من يذهبون الى تحميل التلميذة جريرة اقدامها على الانتحار بدعوى محاولة الغش ومحاكمتها من خلال الفعل وليس النتيجة. دعونا نتفق ان الغش مرفوض وقد وضع المشرع ترسانة قانونية لمحاربته لكنه ظاهرة تخفي عجز منظومة تربوية بكاملها .نحن نناقش طريقة تدبير تطورت من ضبط حالة غش الى الانتحار.كيف نتعامل مع الطارئ بنهج مقاربة زجرية مفزعة تنتج سلوكات غير محسوبة العواقب؟صورة خروج التلاميذ من المؤسسة بشكل فوضوي وهم يمزقون الكتب والدفاتر وكانها سجن ليعلنوا رفضهم لهذا الواقع لايختلف عن فتاة هربت من قبضة ادارة مستبدة لم تمنحها فرصة الدفاع عن نفسها.
الغش نتيجة حتمية لمنظومة فاشلة اختل فيها تعاقد ديداكتيكي لم يرحم المتعثرين من اجل منحهم فرصة ثانية ليلتحقوا بالمنظومة .هناك من يجيد صناعة الفاشلين عوض أن يكونوا نتيجة افرازطبيعي لمعادلة النجاح والفشل كمكون اساسة لها . من يقتل فينا التفاؤل هم أنصاف المدبرين وأشباه المسؤولين الذين لايظهرون إلا في مناسبات التفوق ليلقون كلاما يعاكس الحقيقة ويلتقطون صورا لأحداث لم يصنعوها وفي لحظة الحزن والفشل يختفون.